مقالات

الشجاعة في مواجهة القوة ..مبارزة علي بن أبي طالب وعمرو بن ود العامري

كتب – د. صالح العطوان الحيالي

دخل عمرو بن ود العامري على المسلمين فقال :
تزعمون أن موتاكم فى الجنة وموتانا فى النار ،لقد اشتقتُ إلى النار ، أما اشتاق أحـــــد منكم إلى الجنة ..؟ثم أنشـــــد ..

ولقد بححتُ من النداء بجمعكم هل من مبارز ؟ووقفتُ إذ وقف الشجاع بموقف البطل المناجز ،إنى كذلك لم أزل متسرعاً نحو الهزاهز ..

فرد عليه علي بن أبي طالب ، فقال : لا تعجلنَ فقد أتاك مُجيبُ صوتِكَ غيرُ عاجز ،ذو نيةٍ وبصــــيرةٍ والصدق مُنجى كل فائِز ،إنى لأرجو أن أقيـــم عليك نائِحة الجنائز ،من ضربةٍ نجلاء يبقى ذِكرُها عند الهزائِز ،فقال عمرو : استصغروكَ فأرسلوك ..!!

فرد عليًُ : بل استحقروكَ فأرسلونى .
فقال عمرو : إن أباكَ كان صديقى ،
ولا أُريد أن أفجعهُ فى قـــبره .
فرد عليًُ : إن أباك لم يكن صديقي ،
وأنا أريد أن أفجعهُ فى بك قبره .
فقال عمرو : إذهب فأنا لا أُريد أن أريق دمك .
فرد عليُّ : وأنت أُريدُ أن أُريق دمك .
وأضاف عليُّ :
سمعتُ أنك إذا خُيرت بين ثلاث أخترت واحداً ،
فقال عمرو : نعـــم ، فهاتنى الأولى ،
فقال له عليُّ : الأولى أن ترجــــع
فقال عمرو : أنا لا ازحفُ من القتال ،
أتفعل ، مالم يستطع أن يفعله جيش بأكمله ،
أتريدنى أن أعـــــــود .. !!
هاتنى الثانية .
قال له عليُّ : أن تشهدُ أن لا إله إلا الله ،
وأن محمداً رســـــول الله .
فقال عمرو :
والله لو كان رأسى فى قاع جهنم ما قلتها .. !!
اطرح خيارك الأخـــير ،
فقد قبلت به قبل أن اعرفه .
فقال له عليُّ :
أن تبارزنى أنا على الأرض وأنت على فرسك .فاستشاط عمرو غيظاً ،
ونزل من على فرسه ونحره بسيفه ،
وشق فرسه نصفـــين .
فــــبدأ القتال .
فضرب عمرو عليُّ بن أبي طالب على كتفه ،فقطع رداء رسول اللّه ، ثم ضربه ضربةً ثانية ،على رأسه فانفجر الدمُ من رأسه .فارتفع الغبار ،فلم يرى الناسُ من يَضرِب ومن يُضرب ،حتى ارتفعت صرخة اهتزت منها أرجاء المدينة .
هدأ القتال ونزل الغبار وبان الأبطال .
فإذا بعليُّ يقف على صــدر عمرو ،
وهو يحملُ رأس الشقي عمرو ،
على سن سيف رســول اللّه .
فناداهُ النبى صلى الله عليه وسلم ،
وقال له : كيف قتلته .. ؟
فقال له ذكرنى الشيطان بصولاته وجولاته ،فتذكرت عظمة الله ،
فاحتقرتهُ فى عينى فقتلته .
ثم أشار على جثته فقال :
عَبَد الحِجارةَ من سفاهة عقلهِ ،
وعبَـــدتُ رب محـــــمدٍ بصوابى ،
لاتحسبن الله خاذِل دينهِ ونبيهِ يامعشر الاحزابِ .

المصادر:

البيهقي .. السنن الكبرى.
ابن إسحاق.. الخلافيات.
الحاكم ..المستدرك.
الذهبي …التلخيص.
الفاكهي … اخبار مكة.
ابن القيم … زاد المعاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى