مقالات

زنجبار ” أندلس إفريقيا المنسية “

صالح العطوان الحيالي

يعرفها السائحون بأنها بستان إفريقيا الشرقية وجنة المسافرين على الأرض إنها زنجبار، أندلس إفريقيا وجوهرة العرب المفقودة زنجبار كلمة عربية محرفة اصلها “بر الزنج ” بعد أن أعلن ضم الجزيرة – قسراً – عام 1964 مع منطقة تنجانيقا عام 1964م ليتم تشكيل ما يسمى الآن بدولة تنزانيا ولينتهي حكم العرب الممتد فيها حتى قبل بزوغ فجر الإسلام، ويعد احتلال زنجبار أسرع عملية احتلال في العصر؛ فأربع ساعات كانت تكفي لسقوط الدولة ليقتل في اليومين الأولين من الاحتلال 20 ألف عربي مسلم، وتهجير أكثر من 30 ألف عربي مسلم.

تشرفت زنجبار بنور الإسلام عن طريق الهجرات الإسلامية إلى شرق القارة الأفريقية في نهاية القرن الأول الهجري في عهد الدولة الأموية، بعد قيام الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد الخليفة عبدالملك بن مروان بمحاولة ضم عمان إلى الدولة الأموية، وكان يحكم عمان آنذاك الأخوان سليمان وسعيد، وقد امتنعا عن الحجاج فأرسل إلى عمان جيشاً كبيراً لا حول لهما به، فآثرا السلامة وخرجا بمن تبعهما من قومهما إلى بر الزنج شرق أفريقيا، وقد استدل المؤرخون على ضوء هذه الحقيقة التاريخية أن الوجود العربي في زنجبار سبق ظهور الإسلام، لأن رحيل حاكمي عمان إليها بعددهما وعتادهما لا بد ان يستند على وجود سابق له يأمنان فيه على حياتهما وأموالهما وذويهما، وقبل ذلك على دينهما. وبعد هذه الهجرة التي قام بها حاكما عمان بدأ الوجود العماني في الجزيرة يتوطد أكثر وأكثر حتى أصبح ولاة زنجبار وجزرها تابعين لحكم أئمة عمان، إلى أن جاء عهد السلطان سعيد بن سلطان بن الإمام احمد البو سعيدى الذي فتح لزنجبار صفحة ناصعة في التاريخ بما ولاها من اهتمام غير مسبوق…وفى 19 أكتوبر من عام 1856م توفى السلطان العماني سعيد بن سلطان على متن الباخرة فيكتوريا، ودفن في زنجبار فوقع الخلاف بين أولاده على الحكم وبعد تقسيمه كانت الجزيرة من نصيب يرعش بن سعيد.

وذلك بعد أن تدخلت بريطانيا بوسائل الخداع في تقسيم المُلك بزعم فض الخلاف بين الإخوة؛ مما أسفر عن انفصال زنجبار عن المملكة البوسعيدية بعمان، ولكن بشكل غير تام حينئذ ، وفى عهد السلطان على بن سعيد أعلنت بريطانيا الوصاية (الاحتلال) على الجزيرة ؛واستمرت هذه الوصاية حوالي 70 عاماً وعندما أرادت الانسحاب قامت كعادتها في زرع الفتن- بترتيب خطة تستطيع بها البقاء الفعلي بعد خروجها ظاهرياً. فكانت المؤامرة التي دبرتها للإطاحة التامة بالحكم الإسلامي العربي والذي تم عام 1964م كما ذكرنا سالفاً. ولا تزال قصور سلاطين البوسعيد أعلى المباني في زنجبار، ولا تزال الملابس العمانية هي الأزياء الشعبية للزنجباريين ؛وفي زنجبار قصة منسية أخرى للعرب والمسلمين؛ فحسب آخر إحصاء قبل احتلالها؛ بلغ عدد سكان زنجبار حوالي مليون شخص أغلبهم من المسلمين (98%) والبقية مسيحيون وهندوس وشيرازيون.

أما الآن فغالبية المسلمين هناك من الفقراء؛ ولذلك فإن معظم أطفالهم لا يذهبون إلى المدارس؛ لأنهم لا يملكون المال اللازم لذلك.

ورغم الأوضاع بالغة الصعوبة التي يعيشها المسلمون، فإن هناك إقبالاً كبيراً على حفظ القرآن الكريم وتعلم أحكامه المختلفة، في الوقت الذي بدأت الحركات التنصيرية تتغلغل في زنجبار وسادت اللغة السواحلية مقابل محو اللغة العربية، بل وصل الأمر إلى حد إجبار المسلمات على الزواج من النصارى وبذلك يتمكنوا من سلخ المجتمع عن دينه والقضاء على الروح الإسلامية في مجتمع زنجبار.

ولم يكتفِ المستعمرون البريطانيون بهذا بل وأغرقوا الكتب العربية والمصادر الإسلامية في المحيط الهندي الذي تقع زنجبار على ضفافه. فعدم الاهتمام بهم ولو إعلامياً يتركهم فريسة سهلة لحملات التبشير التي تسعى منذ السبعينيات في استقطاب الزنجباريين المسلمين.

المصادر: 
كشف النقاب عن زنجبار
تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان
زنجبار جزيرة القرنفل . سي منيرة الشايب
تاريخ عمان السياسي عبدالله بن محمد الطائي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى