فوجئ سكان القاهرة ومحافظات الدلتا، اليوم الثلاثاء، بسقوط أمطار غزيرة تزامنت مع ارتفاع درجات الحرارة، ما أثار موجة واسعة من التساؤلات حول دقة التنبؤات الجوية ومدى جاهزية الدولة لمواجهة التغيرات المناخية المفاجئة.
واعتبر خبراء في البيئة والمناخ أن ما حدث يمثل مؤشرًا واضحًا على دخول مصر مرحلة “التطرف المناخي”، محذرين من تداعيات محتملة في حال استمرار غياب الرؤية العلمية المتكاملة وآليات الإنذار المبكر الفعالة.
وفي هذا السياق، وجّه صابر عثمان، الخبير الدولي في شؤون تغير المناخ ورئيس مجلس أمناء مؤسسة “مناخ أرضنا للتنمية المستدامة”، انتقادات حادة للهيئة العامة للأرصاد الجوية، مؤكدًا أن فشلها في التنبؤ بهذه الأمطار الغزيرة لا يُعد تقصيرًا عابرًا، بل يعكس خللًا هيكليًا في منظومة الرصد والتحليل المناخي.
وقال عثمان في تصريحات، إن تقرير الهيئة اكتفى بالإشارة إلى احتمال ضعيف لسقوط أمطار خفيفة على السواحل الشمالية، دون أي تحذير يتعلق بالقاهرة أو الدلتا، وهما المنطقتان الأكثر تأثرًا، ما أدى إلى ارتباك ملحوظ بين المواطنين والجهات التنفيذية.
وأشار إلى أن هذه الواقعة تستوجب مراجعة شاملة لأداء الهيئة، تبدأ من تحديث بنيتها التكنولوجية وتطوير نماذجها الحاسوبية، وصولًا إلى تحسين بيئة العمل وجذب الكفاءات العلمية التي غادرت الجهاز الحكومي بسبب ضعف الرواتب وقلة الحوافز.
كما دعا إلى تغيير جذري في أسلوب التواصل مع الجمهور، قائلاً: “النشرات الجوية الحالية لم تعد تواكب الواقع المناخي الجديد. نحن بحاجة إلى نظام إنذار بصري واضح، باستخدام رموز لونية تفصيلية، تسهّل فهم المخاطر المحتملة وتساعد المواطنين على الاستعداد المبكر”.
وأكد عثمان أن تأثيرات التغير المناخي باتت ملموسة يوميًا، متجاوزة التوقعات النظرية، حيث تتأثر قطاعات الزراعة، والثروة الحيوانية، والبيئة الصحية بشكل مباشر، في ظل غياب منظومة علمية دقيقة لرصد وتقييم هذه التداعيات.
وفي ختام حديثه، شدد على أهمية بناء منظومة وطنية شاملة لإدارة الأزمات المناخية، تضم كافة الجهات المعنية من وزارة البيئة، والمحليات، والدفاع المدني، واللجنة الوطنية لإدارة الأزمات، لمواجهة ما وصفه بـ”عصر الكوارث المناخية المتسارعة”.