مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري.. ماذا وراء الستار؟
د. ليلى حمدان
قراءة خبر مقتل زعيم القاعدة في كابول، اختلفت بحسب خلفيات القراء، هناك من يراها خيانة من طالبان، وهناك من يراها اختلاقا من الأمريكان وهناك من يراها دليلا على قوة أمريكا وهناك من يراها دليلا على ضعف طالبان.
لمن قرأ بتمعن تاريخ هذه الجماعات فإن مقتله في عاصمة أفغانستان أكبر صفعة للأمريكان.
لا يمكن تصور وجود أكثر رجل مطلوب في العالم، بتهمة الإرهاب في عاصمة أفغانستان بدون علم وتنسيق وحماية من طالبان، وأول ما فهمته أمريكا أن اتفاقية الدوحة لم تكن ملزمة لطالبان، لذلك أكدت التصريحات الأمريكية بعد القصف، أنها تريد الاستمرار في الحوار مع طالبان وتتوقع منها الالتزام بالاتفاقية خشية العواقب.
كثيرا ما أشارت وحذرت تقارير موقع “لونغ وور جورنال”من أن العلاقة بين طالبان والقاعدة ليست وليدة اليوم ولها جذور تاريخية وتفاهمات استراتيجية وأن اتفاقية الدوحة لم ولن تقض على هذه العلاقة بينهما ولطالما جمع الموقع أدلة على استمرارها، ومقتل زعيم القاعدة في أفغانستان بعد استقلالها يؤكد ذلك.
القتل عن طريق القصوفات الأمريكية منتشر في جميع ساحات الصراع ويكفي إيجاد معلومة توصل للهدف ليتم القصف، يحصل عليها أي وسيط وأي جاسوس، فليس دليلا على خيانة طالبان لزعيم القاعدة، بل مقتله في كابول يفسر لماذا كانت طالبان تتهرب من الإجابة على أسئلة تطمئن الأمريكان بخصوص علاقتها بالقاعدة.
ماذا يعني ذلك، يعني أن طالبان يمكنها أن تظهر للأمريكان الوجه الذي يريدونه ويمكنها أن تخفي في داخلها مشاريعها الخاصة، وأنها بالفعل فتحت أرضها للجماعات المتمردة التي تتفق معها في الفكرة والهدف، وهذا ما تخشاه أمريكا أن تصبح أفغانستان مركزا لنشاط هذه الجماعات فيصعب عليها القضاء عليها.
للأسف، القراءة العاطفية والمتأثرة للأحداث تمنع تحليلها بحياد وإنصاف، وحين تتسلل فكرة المؤامرة الكبرى والإرادة الأمريكية فحدّث ولاحرج عن كمّ الوهم الذي ستصدره هذه التحليلات، إن المحللين الغربيين أكثر فطنة من المحللين العرب في كثير من الأحيان لأنهم يستندون لمخزون من المعطيات ونحن للعواطف!
الاختلاف مع فرد أو جماعة لا يعني العمالة للأعداء.
محاولة تطويع الأحداث لصالح الخلافات صناعة للوهم.
الوعي المتزّن يستوجب جمع المعلومات من جميع المصادر وقراءتها وتحليلها بحياد وبصيرة، للوصول إلى خلاصات سليمة.
أما القراءة الساذجة فلن تقدم لك ما يمكن الارتكاز عليه في بحث أو دراسة.
الآن السؤال: هل الجماعات المتمردة المسلحة التي انتهجت نهج حرب العصابات يمكن لأمريكا القضاء عليها.
الإجابة: لا، باعتراف الأمريكان أنفسهم ولذلك تحولوا من استراتيجية القضاء على هذه الجماعات إلى احتوائها أي منعها من التمدد والتوسع.
ومن يطلع على إفريقيا فقط يدرك ماذا يعني عجز أمريكا.
لابد أن نعترف أن كل الجماعات الإسلامية التي خرجت من رحم هذه الأمة سواء أحسنت أو أساءت، نجحت أو فشلت، استقامت أو انحرفت، كان سبب ظهورها تحرير هذه الأمة ونصرة الإسلام والمسلمين. لذلك فكرة أن هذه الجماعات صناعة أمريكية فكرة أكل عليها الدهر وشرب وتكشف مدى البعد عن واقع هذه الأمة وتاريخها.