Uncategorized

رسالة لكل مغترب!

الاستاذ الدكتور رضا عبدالسلام استاذ القانون جامعة المنصورة محافظ الشرقية الأسبق

لو سافرت واتغربت، ما تطولش، لازم تحط سقف لطموحك المادي، وازن بين أمانك المادي واستقرارك الأسري وارتباطك بوطنك ومحبيك.

خطأ يرتكبه الكثيرون، وقابلت منهم الكثيرين في الغربة، تمضي بهم السنين، لا سقف لطموحهم أو لطموح ذويهم (زوجة اولاد أقارب)، فيجرفهم تيار الغربة بعيدا عن وطنهم وأولادهم، وبمضي الوقت يجد هذا الشخص نفسه فاقد البوصلة، لا هو من أهل الجنة ولا هو من أهل النار! لا هو مواطن شديد الحنين للعودة لوطنه ومحبيه ولا هو من أهل البلد التي سافر إليها…ويحيا فيه غريبا وإن أفنى فيه عمره كاملا!

من جرفه تيار الغربة، تقطعت به السبل، اذا عاد للوطن بعد رحلة طويلة، يجد نفسه غريبا في وطنه، غريبا حتى على أهل بيته وأولاده وفلذة كبده، ولما لا، وهو لم يعش معهم لحظات فرحهم وحزنهم وغمرهم بحنانه او حتى قسوته.

الحكايات كثيرة ومؤلمة وقاسية لآباء عادوا بعد غربة طويلة جدا، بعد أن لفظهم البلد الذي أفنوا فيه عمرهم وشبابهم، وجدوا أنفسهم غرباء، نعم غرباء على أولادهم، واذا قرروا ممارسة دور الأب والضبط والنظام، يكتشف الحقيقة المرة، وهي أنه غير مرغوب فيه، بل هناك من تحدث معهم أولادهم صراحة “لماذا عُدتْ”؟!

حتى إذا ما فكر في الخروج للشارع والاختلاط بالناس، لن يجد أصدقاء الأمس، فقد تحول الى غريب في وطنه، بل غريب في بيته.

لا سقف للحلم نعم، ولكن في تلقي العلم ماشي، أما الطموح المادي فلابد له من سقف، وإلا تحول المرء منا إلى عبد للمادة، وفي خضم رحلة العبودية تلك، يكون قد فقد عمره وشبابه، وأسرته، وحنان أولاده وبناته، وتحول شعوره تجاه وطنه ومجتمعه الى شعور فاتر، يجعل المرء في نهاية الأمر ونهاية تلك الرحلة أنه لم يحصد إلا السراب، وسيتملكه الشعور بالندم، ولكن بعد فوات الأوان.

وبناءً عليه، خير الأمور الوسط، سافر واسعى واجتهد وحصل، وخلال الرجلة لاتنسى ان المادة على أهميتها ليست كل شيء، فقد تحصلها ولكنك بعد الغرق في سرابها تكون قد خسرت كل شيء.

تذكر أن لزوجتك حق، ولأولادك حق، ولوطنك حق، هذه ليست دعوة للعودة، ولكنها دعوة للاعتدال لتحقق الحد الأدنى من طموحك المادي، وفي نفس الوقت تربح أسرتك وارتباط اولادك بك، وانتمائك الخالص لوطنك…أسأل الله أن يحفظك في غربتك وأن يبارك لك في أسرتك وأن ينفع بك وطنك ومحبيك…اللهم آمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى