منذ اختراع التصوير الفوتوغرافي والتقاط أول صورة كان ينظر إليه كتقنية حرفية لا يمكنها منافسة الأعمال الفنية، لأنها لا تهتم بالخيال. ولفترة طويلة ظل مفهوم التصوير الفوتوغرافي كوسيط ميكانيكي توثيقي لا أكثر. واستمر الجدل الدائر حول التصوير الفوتوغرافي، بحجة أن الكاميرا تحاكي فقط ما يوجد أمامها، أي أن الصورة عبارة عن استنساخ بسيط وغير شخصي للواقع، وبالتالي لا يمكن اعتبارها فنا.
عندما نحلل العلاقة بين الفن والتصوير الفوتوغرافي، نجد تناقضا في الوسائط، إذ يتطلب الفن براعة وقدرة لا يملكهما الجميع، في حين أن الكاميرا آلة يمكن لأي شخص أن يتقن استعمالها ببساطة.
ومع ذلك فإن تعريف الفن يقدم جدلا أقدم وأكثر تعقيدا، فقد اتفق معظم النقاد على أن الفن غير موضوعي ويعتمد على التفسير، لذلك عادة إذا كانت الصورة تولد معنى أو تأويلات مختلفة يمكن اعتبارها فنا، وفي الوقت نفسه يمكن استخدامه لأغراض نفعية بحتة.
ويستخدم التصوير الفوتوغرافي لغة العناصر المرئية، بدلا من الكلمات، لذلك يمكن استخدامه لأغراض فنية أو أغراض أخرى، ويخدم التصوير الفوتوغرافي غرضه المزدوج دون أي تناقض.
ما يميز الفنان الحقيقي هو امتلاكه رسالة يسعى لتوصيلها، وقدرة المشاهد على تفسير الصورة تمنح الفنان حرية طرح الأسئلة بدلا من تقديم الإجابات، وهو مثل أي شكل من أشكال الفن المرئي يستغل نقاط ضعف الإدراك البصري للإنسان، ويمكن أن يجعلنا نشعر بالتعاطف أو الكره.
بفضل المصور الألماني أوسكار بارناك الذي اخترع أول كاميرا دقيقة بعدسة مقاس قطرها 35 مليمترا. وبسبب التطور التكنولوجي، بدأت الفوتوغرافيا في التحرر.
وبعد ذلك، طوّر المصور الفرنسي هنري كارتييه بريسون تقنيات التصوير وابتكر مصطلح “اللحظة الحاسمة” والذي أصبح علامة على أسلوبه، ووصفه لأتباعه وتلاميذه الذين لا حصر لهم. وتقوم فكرة بريسون على التقاط صور عفوية في لحظة فارقة، وأثرت فكرة العفوية بشكل كبير في الجماهير وجعلت التصوير الفوتوغرافي أكثر تصديقا من قبل.
ويمثل التصوير الفوتوغرافي الواقع ولا يمكن أن يوجد من دونه. ومن ناحية أخرى تمكننا الفوتوغرافيا من تشويه الواقع أو تغييره بدرجات مختلفة من الدقة، وهذا هو السبب وراء احتضان السرياليين للتصوير الفوتوغرافي بقوة. وباستخدام كل التقنيات والدلالات تمكنوا من إنشاء صور تبدو شخصية للغاية، بمعنى أن كل متفرج يميل إلى تفسير الصورة استنادا إلى إدراكه الشخصي فقط.
أقرأ التالي
2025-05-08
صور كارثية..شوايات بالفحم داخل معبد هابو بالأقصر
2025-05-06
موجة من الإنتقادات تواجه إقامة الحفلات بمنطقة الأهرامات
2025-05-05
حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الزبير بن العوام “
2025-05-04
ذكاء زوجه في منع زوجها من التدخين
2025-05-03
البلشي نقيباً لولاية ثانية… مسيرة بدأت بالحقوق وتُستكمل بالتحرير”
2025-05-02
بين جدران “الأمان”: طفولة مُغتصبة.. والمؤبد يطفئ جزءًا من صرخة الإنسانية!
2025-05-01
مشيرة موسى تكتب ” عقوبة التجريس “
2025-04-30
الإخوة والأخوات
2025-04-30
نهاية الإمبراطورية الأمريكية على يد الأحمق.. تور امب
2025-04-29
الأوقاف في الإسلام واشراقاتها الحضارية ” اوقاف النساء “
زر الذهاب إلى الأعلى