أيادي الأعداء “مقطوعة” فى معبد هابو
كتب / جمال أحمد حسن
يعد معبد مدينة “هابو” أو المعبد الجنائزى للملك “رمسيس الثالث” ، فى غرب طيبة – الأقصر حاليا – من أكبر المعابد الجنائزية التى خصصت لتخليد ذكرى الملوك فى عصر الدولة المصرية الحديثة، حيث تبلغ مساحته ما يقرب من 320 مترا فى الطول من الشرق إلى الغرب ، و 200 متر فى العرض من الشمال إلى الجنوب ، و هو المعبد الوحيد المحصن ، كما يعد أفضل مرجع للنقوش التي تصور مجيء وهزيمة شعوب البحر ، و كذلك الغزاة من الليبيين الذين هاجموا حدود مصر الغربية في عهد الملك “رمسيس الثالث” .
شيد الملك “رمسيس الثالث” معبد هابو لإقامة الطقوس الجنائزية له بعد وفاته ، و لتخليد ذكراه و تسجيل الإنجازات التى تمت فى عهده ، وكذلك لعبادة المعبود آمون .
يعتبر الملك “رمسيس الثالث” أعظم ملوك الأسرة العشرين ، و آخر ملوك مصر العظماء الذين حافظوا على أرض مصر ، فقد بذل قصارى جهده للحفاظ على مصر و حمايتها من زحف الغزاة ، و كان ثاني ملوك الأسرة العشرين في مصر القديمة ، و يعتقد أنه حكم خلال الفترة من عام (1186 إلى 1155) قبل الميلاد ، كما وصفه المؤرخون بأنه «الفرعون المحارب» ، و بسبب استراتيجياته العسكرية القوية تمكن من هزيمة الغزاة المعروفين باسم “شعوب البحر”، الذين تسببوا في تدمير الحضارات والإمبراطوريات الأخرى المجاورة ، فكان قادرا على إنقاذ مصر من الانهيار في الوقت الذي سقطت فيه العديد من الإمبراطوريات .
” أقطع يد اللى يأذى مصر ” ، هذه المقولة المتداولة و الشائعة بين المصريين حالياً ، نفذها بالفعل الملك العظيم “رمسيس الثالث”، عندما قامت بعض القبائل الليبية بغزو و مهاجمة حدود مصر الغربية فى عهده ، و لكنه هزمهم هزيمة ساحقة ، و خلد هذا النصر بنقش فى معبده بمدينه”هابو” ، غرب مدينة الأقصر ، و النقش يمثل عملية عد أيادى الأعداء القتلى ممن تجرأوا ورفعوها ضد مصر ، و المنظر يصور الملك “رمسيس الثالث” يحتفل بإنتصاره على الليبيين – على الجدار الجنوبى للصالة الثانية – فيرى “رمسيس الثالث ” جالساً فى عربته الحربية يلاحظ 3 كومات من الأيدى ، و كومة من الأعضاء الذكورية ، كما نشاهد موظفين يقودون إليه 4 صفوف من الأسرى الليبيين ، و كتب فوق كومات الغنيمة ما يلى : ” تقديم الغنائم فى حضرة جلالته من “التحنو” – هم قبائل ليبية بائدة – الساقطين من(الليبيين) ، و قد بلغوا ألف رجل ، و ثلاثة آلاف يد ، و ثلاثة آلاف عضو ذكرى ، و بعد ذلك يشاهد ” رمسيس الثالث ” فى شرفة قصره يحتفل بإنتصاره على الليبيين ، و تظهر عربته الحربية فى خلفه ، و هو يخاطب موظفيه الذين يجيبون بكل تبجيل و إحترام ، ثم نرى الضباط المصريين يقودون الأسرى من الليبيين ، بينما الكتبة يحصون عدد الأيادى و الأعضاء الذكورية ، التى كانت أمامهم فى مجموعة من الأيدى التى تم قطعها ، و التى تشير إلى عدد الأعداد الذين قتلوا فى المعركة ، و كانت مكافأة كل جندى تتم بناءاً على اليد اليمنى من الأعداء التى يعود بها من الحرب ، ثم اكتشف الملك أن بعض الأيدى من الأيادى اليسرى ، و للتأكيد على دقة الأعداد تم تغيير المكافآت لتكون على أساس ما يحضره الجندى من الأعضاء الذكورية .
لماذا قطع الجنود الأيدى و الأعضاء الذكورية؟!
يعد هذا المنظر غاية فى الغرابة ، و لكن مع ظهور الجنود الأجانب المرتزقة الذين كانوا يحاربون فى صف الجيش المصرى فى تلك المناظر ، رأى بعض المتخصصين أن أجور هؤلاء الجنود المرتزقة كانت متعلقة بإنجازاتهم فى أرض المعركة ، و كانوا يحصلون على أجورهم على حسب العدد مع تصنيف الأيدى و الأعضاء الذكورية.
و هناك رأى آخر يقول بأن قطع اليد كان من الأعداء الذين تم أسرهم عقابا لهم على رفعها ضد مصر ، أما قطع العضو الذكري فكان لمن تم قتلهم من الأعداء .
و هذه المقولة “سأقطع إيد اللي يمس بلدي وشعبي ” ، تحققت أيضا من قبل ذلك على يد الملك “رمسيس الثاني” ( 1279–1213 ق.م ), الأسرة التاسعة عشر بعد إعتداء الحيثيين علي الحامية المصرية في سيناء .
هذا المنظر الشهير المعروف بإسم منظر “جمع أيادي الأعداء ” ، موجود فى معبد الملك “رمسيس الثالث” على جدران معبد “مدينة هابو” ، غرب مدينة ” طيبة ” – الأقصر حاليا –