مقالات

اسمع جعجعة ولا أرى طحنا

د.صالح العطوان الحيالي
هذه العبارة مثل ومعناها الأصلي اسمع صوت الرحى يدور دون أن أرى طحنا لكن تجاوزت كلماتها معناها الأصلي إلى معنى آخر بلاغي وهو اسمع جلبة ولا أرى عمل ينفع وهو يقال لمن يكثر الكلام ولا يعمل ويكثر من الوعود ولا ينجز.
ليس كل من تحدث عن الدين هو ملتزم به وبإصوله . وليس كل من قال انني انتمي للبلد الفلاني يحمل قيم وأمانة هذا البلد. وليس كل من ارتدى ثوب الشرف والعفة هو شريف ونزيه بالفعل. وليس كل من صال وجال في سوح اللغة وانتقى أبلغ الكلمات في الحديث والخطاب وتحدث عن الوطنية هو وطني . وليس كل من ترنم بكلمات الحب هو حبيب بالفعل انساب الوجد عبر شغاف قلبه وتلظى بناره واعتصر فؤاده وطال سهده وتاه عقله واشتد به الجوى .وليس كل من حصل على لقب علمي فهو عالم أو جدير بأداء مهمته العلمية كما ينبغي. و..و.
لقد علمتنا الحياة ان التجربة أكبر برهان .
وهناك مثل يتردد بأعلى السنة الناس
“هذا الميدان ياحميدان “
وهذا المثل يتردد في العراق ودول الخليج أكثر من البلدان الأخرى. ويراد به التحدي أو استنهاض الهمم وتفعيل الشيم أو التنبيه أو الاستهزاء أو التجربة وحسب واقع الحال.ويستشهد بالميدان لأنه مكان الاختبار الحقيقي حيث تصدق الأفعال ويظهر معدن الانسان . وفي مصر مثل على شاكلته ولكن بعبارة أخرى (المية تكذب الغطاس). في حين يماثله باللغة العربية الفصحى ” في الامتحان يكرم المرء أو يهان”.وهناك مثل عراقي مشهور ” أبو كروة يبين بالعبرة”
أما قصة حميدان فكما هو متناقل بيننا اسم شخص كان يفتخر بقوته وشجاعته في قريته، حتى صادفه شخص قوي البنية مفتول العضلات طالبا منازلته. فأصيب حميدان بالذهول وعقدت الدهشة لسانه وتخاذل من المواجهة، فلما أيقن انه سقط في يده ، بدأ بالتحجج وتقديم أعذار واهية ، للتهرب من منازلته، مما أدى الى استهجان من كان متواجدا ساعتها من السكان فاستخفوا به بالقول: لقد كنت تدعي القوة بلا منازع، وينك يا حميدان هذا خصمك .. بس تبيع عنتريات علينا . يا حميدان هذا الميدان .
اليوم ماأكثر (الحميدانات) الذين لايجرؤون على اقتحام الميدان حتى بات الناس “يسمعون جعجعة ولايروا طحينا”.
لقد علمتنا الحياة ان التجربة أكبر برهان و….هذا الميدان ياحميدان!!.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى