مقالات

في كلام مصاطب ” العقول الراجحة في زمن الذكاء الاصطناعي “

بقلم : د. محمد فكري
سيظل العقل البشرى هو المحرك الأساسي للحياة والمطور للعلوم والتكنولوجيا ، والتي أصبحت تتطور بشكل مذهل علي جميع المستويات وظهور مصطلحات الذكاء الاصطناعي وال أيه أي (A I)، التي أصبحت تسيطر أخبارَها وتطبيقاتها علي وسائل الاعلام والتواصل .
ومع ذلك لم يتم اكتشاف اسرار العقل البشرى وقدرته حتي الان والتي تعتبر سراً من أسرار قدرة الله عز وجل في خلقه ، والذي قال فيها في كتابة الحكيم في سورة ” الإسراء ” ” وما أُتيتم من العلم إلا قليل ” صدق الله العظيم .
فالعقول البشرية والعقول الراجحة هي من أسباب التقدم العلمي والتكنولوجي والتي تساهم في بناء و تطوير المجتمعات .
فلقد أصبح التسارع المستمر في اكتشاف الجديد والجديد من خلال الثورة المعلوماتية والتكنولوجية الكبيرة ما هو إلا سلاح ذو حدين في التطوير والتقدم وفى التدمير والهدم . كما أصبح العالم قرية صغيره متواصلة مع بعضها البعض ، بعدما كانت جزرً منعزلة ، ولقد اُستخدم العلم والتكنولوجيا في ترجيح موازين الدول التي عملت واجتهدت ليصبح لديها العلم كسلاح يتم استخدامه في السيطرة علي المجتمعات والامم الفقيرة الغير مؤهله والمستهدفة من الدول المتقدمة.
فالعلم والتكنولوجيا هي المحرك الأساسي لهذا العالم ، ولقد صاحب هذا التقدم العلمي والتكنولوجي تقدم في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ليروج لهذه السلع التي أصبحت تتحكم بالسياسة والاقتصاد والتجارة والتعليم والثقافة وجميع مناحي الحياه ، واصبح لها القدرة علي التحكم الواضح بالمجتمعات حتي أصبح له القدرة علي التحكم بالاقتصاد العالمي.
وأصبحت الفروق بين الدول المنتجة والدول المستهلكة واضحة وباتت الدول المتقدمة المستخدمة للعقول البشرية هي المتحكم الأساسي في آليات السوق وتعمل على زيادة إضعاف المجتمعات المستهدفة وتجهيلها عن طريق تخريب التعليم وتفكيك الروابط بين أفراد المجتمع وتغير منظومة القيم لديهم لسهولة السيطرة عليهم ولتحويلهم لشعوب مستهلكة غير منتجه .
وتعتبر العقول البشرية في المجتمعات الفقيرة قنابل موقوته نتيجة الجهل والتشتت والفساد وحجم السيطرة عليها ، والعقول الراجحة والمتنورة في الشعوب المتقدمة محرك ووقود للتطور والتقدم والرخاء .
فالعقول البشرية لا تنتهى إبداعاتها وقدراتها ليس لها مدى أو حدود ، فمنذ بداية الخليقة ونحن نتعرف علي انواع العقول البشرية فمنها العقول الطيبة والمتطورة والعقول الشريرة المستبدة .
فالعقل والفكر مرتبطان بعضهم البعض ويؤثران على السلوك البشري ولقد كان لنا في قصة سيدنا آدم المثل لما يمكن أن يحدث عنما يتم السيطرة علي العقل والفكر ، فلقد وسوس الشيطان لسيدنا آدم وزوجته للآكل من شجرة الخلد الذي حرمها الله عليهم فكانت سبباً في إخراجهم من الجنة .
وكذلك ما عرفناه في قصة قابيل وهابيل وقتل قابيل أخاه هابيل عندما لم يستمع لنصائح أخيه ، ثم أنساق مع هوى نفسه وعقله الشرير فقتل أخوه ، وفى القصتين تتجلي الفكرة الهامه وهى خطورة السيطرة على العقل والفكر ، بجانب الإيمان الكامل بأن كل ما يحدث في الكون لم يخرج عن إرادة الله وقدرته عز وجل ، وأن كل الامور تأول إلي الله فما حدث لآدم بعد مخالفته لأمره بعدم الاقتراب إلي هذه الشجرة هو الامتثال لأمر الله بالخروج من الجنة هو وزوجته ليعمروا الأرض بالخلق ،وما شهدناه في قصة قتل قابيل لأخيه هابيل وإرسال الله للغراب ليعلم قابيل كيف يواري سوأة أخيه ، لتكون الكلمة الأولي و الاخيرة لله عز وجل ، فكلمة الله هي الحق وهى السر الذي تميز به العقول بعضها عن بعض .
لقد أصبح المتحكم في العقل البشرى والكلمة والاعلام هو المحرك والمسيطر على آليات السوق ، وأصبح التطوير المستمر في الاعلام ووسائل التواصل جزء لا يتجزأ من منظومه السيطرة والتحكم . ولذلك اصبحت المراكز البحثية معنية بدراسة العقول البشرية والسلوك للقدرة على معرفة طرق السيطرة عليها والتحكم في العقول الجمعية عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو الاعلام أو نوعية التعليم حتى يتثنى لها التحكم في كل مناحي الحياه السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية دون الدخول في حروب أو صدامات عسكريه.
فتطورت أساليب الاحتلال وأصبح الاحتلال العقلي هو المسيطر على أساليب عمل الدول المتقدمة ، ولذلك ظهرت حروب الجيل الرابع والخامس بين الدول والتي تعتمد علي التحكم والسيطرة العقلية والجمعية عن بعد وبدون حروب نظامية .
ولذلك سعى اليهود والصهاينة للسيطرة على الإعلام العالمي ، لتحقيق اهدافهم الاستعمارية وتحقيق مخططهم واهدافهم لشكل الكيان الصهيوني ودولتهم التي تمتد حدودها من النيل للفرات.
ولكى يحققوا أهدافهم الوجودية عملوا عليها بشكل مخطط ومَمنهج على جميع المستويات والاعمار والثقافات ، في منهجية تعمل على تدمير عادات وتقاليد المجتمعات منذ الصغر لتغير أيدولوجية المجتمعات لكي يسهل تقبلهم للمستجدات الخاصة بالتغير.
فعملوا علي الفنون والسينما ابتداءً بأفلام الكرتون التي تخاطب الأطفال والكبار واختيار الشخصيات الكرتونية التي تؤثر في الأطفال من خلال مشاهدتها والتعلق بها والتي تبث بكل اللغات في العالم كله ، ونجحوا في رسم شخصيات تحقق لهم أغراضهم مثل أفلام القط والفأر توم اند جيري والتي جعلت من الاطفال والكبار يتعاطفون مع الفار الذي يتطفل على بيت القط ويعيش فيه برغم محاوله دفاع القط عن بيته ، وترسيخ ثقافه التعاطف مع المغتصب ضد صاحب القضية وصاحب الحق ، ويتم هذا في صوره كرتونيه وموسيقي تصويريه تساهم في تحقق الغرض منها في زعزعة القيم وتوجيه الفكر لمنطقة تغير المعتقدات الصحيحة .
وكذلك العمل علي توجيه الفن لترسيخ العنف والقتل وإراقة الدماء والبلطجة وهدم القيم المجتمعية والدينية ونشر الإباحية ، ونشر ثقافة العري والدعارة بمبرر الحرية لتصبح مشاهدتها مشاهده عادية يعتاد رؤيتها ، وبتكرارها تصيب المجتمعات باللامبالاة وتبلد المشاعر والخنوع وانتزاع الرحمة من قلوبهم وتدمير القيم الاخلاقية الاصيلة ، للسيطرة على مشاعرهم عند رؤيتهم للهمجية والوحشية والقتل التي يستخدمونها في اغتصاب الاراضي الفلسطينية وتدمير البنية التحتية والقتل للأطفال وإبادة الكبار لتحقيق مخططهم في حالة من الصمت المجتمعي والخزلان والذي امتد بهذا التوغل إلي لبنان وسوريا واليمن في تحرك ممنهج لتحقيق مخططهم الذي يحلمون بتحقيقه .
وفى المقابل نجد أننا نساهم بشكل كبير في تحقيق مخططهم بأفلام تحقق اهدافهم مثل فيلم إبراهيم الابيض وما شابه من افلام ساهمت في نشر ثقافة القتل والبلطجة والدعارة والخيانة وساهمت في نشر أمراض مجتمعية ونفسيه أصبح يعانى المجتمع منها بشده ، والذي ساهم في زيادة معدلات الفساد والألحاد والشرذمة المجتمعية التي تعزز جو الفرقة وتعمل علي تدمير الجبهة الداخلية للمجتمع والتي تعتبر صمام امان الاوطان .
ولقد كان للفيس بوك نصيب الأسد كأحد وسائل التواصل الاجتماعي الهامه والتي ساهمت بقوة في السيطرة علي العقل الجمعي للكبار والصغار وجعله وسيله لهدم المجتمع عن طريق إدمان استخدامه إدمانً عقلياً ساهم في تحقق اهداف كثيره منها التفكك الاسري وتدمير قيم الحلال والحرام بتغير المسميات لمسميات مغلوطه فكلمة الكذب كمثال تحولت لكلمة التحوير والحوار للخروج من عباءة الحرام والحلال ، ولتكون كلمه خارجة عن المألوف ويتم قبولها وكذلك نشر العلاقات الغير مشروعه بدعوي أنها علاقات بمجتمع افتراضي ، نتج عنها خراب للعلاقات الاسرية وتفككها و نشر للشذوذ الفكري والانحلال الأخلاقي بقصد وعمد وغفله من الأسر والمؤسسات الدينية والتعليمية ، حتى وصلنا لحالة الانفلات المجتمعي والذي نتج عنه حالة من اللامبالاة ، لما أصبحنا نراه الان من حالات الانفلات الأخلاقي والسياسي والمجتمعي والفوضى الدولية.
ومع كل هذا سيظل ” الخير في وفي امتى إلي يوم الدين “كلمات نبينا ورسولنا العظيم هى المنهج والطريق الذي لا نحيد عنه ، وسيظل هناك عقول راجحه تستطيع تغير الامور وإعادتها لنصابها بإرادة الله عز وجل ، ولقد رأينا حجم الخوف والرعب في الكيان الصهيوني برغم وجود هذه الآلة الحربية الهائلة واستخدامهم لتكنولوجيا متقدمة ومع ذلك ظهر رعبهم من رجل قعيد لا يمتلك من القدرة على التأثير علي الناس سوى عقل ولسان وقلب وهو الشيخ الشهيد محمد ياسين الذي اصابهم بالرعب وهو يتحرك علي كرسي متحرك وفاقد للقدرة على الحركة ، فأصبح أيقونة هذا العصر لقدرته علي التأثير الكبير بالكلمة في همم المجتمع الفلسطيني الذي لم يستطيعوا إيقافها إلا بقتله بصاروخ تكلف ملايين الدولارات وهو خارج من الصلاة بالمسجد ليوقفوا كلماته التي شحذت من همم الكبير والصغير في المقاومة والتي ساهمت في رعبهم برغم ما يتحصنون به ، فالكلمة هي المحرك والقوه وبخاصه عندما تخرج من قائد وقدوه يتمتع بالإيمان المطلق بإرادة الله ، والتى هي أقوي من أعتي تحصينات الامم ، فالكلمة هي الباقية وكلمة الله هي الاعلى وهى المحرك الحقيقي للتغير وهى السر الذي يضعه رب العالمين في عقول الراجحين . حفظ الله مصر من كل شر وحفظ امتنا العربية بكلمة من الله .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى