أخبار عالمية

بعد الغارات الإسرائيلية والأميركية… هل بدأ العدّ التنازلي للبرنامج النووي الإيراني؟

هند معز 

 

خرج المرشد الأعلى علي خامنئي بخطاب تحدٍّ، لكنّه بدا محاطًا بواقع جديد عنوانه: تآكل الردع وانكشاف الحلفاء

بعد 12 يومًا من الضربات الجوية التي استهدفت العمق الإيراني، بما في ذلك منشآت نووية وعسكرية حساسة، 

القيادة الإيرانية، التي لطالما راهنت على ثلاثية “الميليشيات – الصواريخ – النووي”، وجدت نفسها فجأة وحيدة في ساحة الاشتباك. لا الحشد الشعبي تحرّك، ولا حزب الله ولا الحوثيون، في مؤشر على اهتزاز قواعد اللعبة التي بنتها طهران على مدى عقود.

في خضم هذا المشهد، كشف الباحث في مركز الإمارات للسياسات، محمد الزغول، خلال مداخلة عبر برنامج “ستوديو وان مع فضيلة”، أن إيران تلقت الضربة منفردة، ما يمثل تحوّلًا استراتيجيًا خطيرًا في ميزان القوى الإقليمي. وأكد الزغول أن “الردع الإيراني فقد الكثير من زخمه، وسط خسائر في الكوادر العلمية والعسكرية، وتدمير جزئي للبنية النووية”.

وللتقليل من وقع هذه الضربات، قررت طهران تعليق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في خطوة تهدف إلى شراء الوقت وإخفاء حجم الضرر حتى انتهاء التقييمات الداخلية.

لكن مع اهتزاز أعمدة الردع التقليدي، تبدو طهران اليوم أمام مفترق طرق:

إما المضي في مفاوضات نووية جادة مع الغرب، تتضمن تقديم تنازلات فعلية في مستويات التخصيب،

أو إعادة بناء القدرة الردعية التقليدية من خلال الاستثمار في الدفاع الجوي والقوة الصاروخية، والرهان مجددًا على الداخل.

وبحسب الزغول، فإن “الخيار الأقل كلفة داخليًا يتمثل في نقل جزء من التخصيب إلى خارج الحدود، تحت إشراف دولي، مقابل ضمانات باستخدام سلمي للطاقة النووية”.

ومع ذلك، فإن العقيدة الأيديولوجية للنظام الإيراني لم تتبدّل. فبحسب الزغول، “التغيير المحتمل هو في ترتيب الأعداء؛ فبدل إبقاء واشنطن كـ ‘شيطان أكبر’ في الخطاب الرسمي، قد تكتفي طهران بتركيز العداء على إسرائيل، ضمن حسابات براغماتية تضمن البقاء داخل الشرعية الدولية دون التنازل عن روايتها الثورية”.

الملف النووي… هل تُسدل الستارة؟

رغم التصريحات الغربية، لا مؤشرات جدية حتى الآن على استعداد طهران لتفكيك برنامجها النووي بالكامل. السيناريو الأقرب، وفق محللين، هو الحفاظ على الحد الأدنى من التخصيب محليًا، أو تبنّي طرح “منطقة حرة للتخصيب” تحت رقابة وضمانات دولية.

وفي خلاصة المشهد، يظهر أن إيران، ما بعد الضربات، ليست كما قبلها. والمرشد الأعلى، وإنْ خرج بخطاب ناري، يواجه اليوم معادلة جديدة: الحفاظ على الكبرياء الاستراتيجي دون السقوط في هاوية العزلة أو الانهيار الداخلي.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى