الجرح يطيب والكلام ما يطيب

د.صالح العطوان الحيالي

كثيرة هي الأمثال ولكنها تضرب ولا تقاس

والأمثال جاءت من أفعال قام بها أشخاص في زمن مضى وافعالهم بقت للناس لتضرب بها الأمثلة والأدلة .. الجرح يحصل في البدن وبمرور الوقت يشفى ويطيب أو يبرأ كما يقال لكن الكلام يبقى في الذاكرة لا يمكن أن يمحى وخاصة الكلام السيء أو العنيف الذي يسبب أذى لصاحبه وكلام الأقرباء وذوي الأرحام أشد مرارة ولذلك قالت العرب الجرح يطيب والكلام ما يطيب

كلما كنت جميلا وتكلمت جميلا ونطقت بكلام وعبارات جميلة وتجملت بالصمت وراعيت مشاعر الأخرين تكن محبوبا من قبل الجميع

ﺇﻥ ﺍﻟﻜلام ﺍﻟﺠﺎﺭح ﺳمي ﺟﺎﺭﺣا ﻷ‌نه يسبب ﺟﺮﻭﺣﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ، ﻭﺗﻤﻴﺖ ﻋﺪﺓ ﺧﻼ‌ﻳﺎ ﺃﻭ ﺗﺘﻠﻒ ﻋﻤﻠﻬﺎ ، ﻣﺴﺒﺒﺔ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻄﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ .

ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ﺁﻻ‌ﻣﺎً ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻭﺷﻌﻮﺭﺍً ﺳﻠﺒﻴﺎً ﻭﺇﺣﺒﺎﻃﺎً ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ ، ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﻓﺎﺷﻞ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﺞ .

ﺃﻗﻮﻝ ﺍﻟﺠﺎﺭﺣﻮﻥ ﻛﺜُﺮ

ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷ‌ﺑﻮﻳﻦ ﻳﺠﺮﺣﻮﻥ ﻃﻔﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻏﻀﺐ ﻭﻳﻬﻴﻨﻮﻧﻪ ، ﻭﻳﺴﻤﻌﻮﻧﻪ ﻭﺍﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺘﺎﻳﻢ ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﺏ ، ﺛﻢ ﻳﺘﺴﺎﺀﻟﻮﻥ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻃﻔﻠﻨﺎ ﻏﺒﻲ ، ﻭﺃﻗﻞ ﺗﻔﻮﻗﺎً ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ..

ﻳﺠﺮﺡ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﺯﻭﺟﺘﻪ ، ﺛﻢ ﻳﺘﺴﺎﺀﻝ ﺑﻜﻞ ﺑﺮﻭﺩ: ﻟﻢ ﺯﻭﺟﺘﻲ ﺷﺎﺣﺒﺔ ﻭﺑﻠﻴﺪﺓ ، ﻭﻻ‌ ﺗﺒﺘﺴﻢ ﻭﻻ‌ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﺨﻔﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ…

ﺗﺠﺮﺡ ﺍﻷ‌ﺧﺖ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻷ‌ﺥ ﺃﺧﺘﻪ ﻭﻳﺴﺒﺒﻮﻥ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺁﻻ‌ﻣﺎً ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻭﺧﻴﺒﺔ ﺃﻣﻞ ، ﻣﻔﻮﺗﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﺬﺓ ﺣﻨﺎﻥ ﺍﻷ‌ﺧﻮﺓ.

ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻌﺴﻮﻟﺔ ، ﺳﻤّﻴﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻷ‌ﻧﻬﺎ ﺗترك ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﺫﺍﺕ ﺍﻷ‌ﺛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺴﻞ .كل ﻫﺬﻩ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻭﻣﺜﺒﺘﺔ .. ﻓﺘﺬﻛﺮﻭﺍ ﻗﻮﻝ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﺰﻭﺟﻞ:

(ﻭﻗﻮﻟﻮﺍ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺴﻨﺎً).

كن ﺟﻤﻴﻼ‌ً ﻭﺍﻧﻄﻖ ﺟﻤﻴﻼ‌ً ﺃﻭ ﺗﺠﻤّﻞ ﺑﺎﻟﺴﻜﻮﺕ .. ﻭﺭﻓﻘﺎً ﺑﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ

ﺇﻥ ﻣﻠﻌﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﺗﻐﻴﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺬﺍﻕ ﺍﻟﺸﺎﻱ..

ﻭﻛﻠﻤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﺗﻐﻴﺮ ﺑﻬﺎ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﻵ‌ﺧﺮﻳﻦ ..ﻭﺇﺫﺍ كاﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻳﺠﺬﺏ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ فاﻷ‌ﺧﻼ‌ﻕ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ ..

ما من نفس ترضى بالقدر إلا باتت سعيدة ، وما من روح تُردد الحمد لله إلا استيقظت وهي مبتسمة…والمثل الشعبي يقول الجرح طيب والكلام ما يطيب