أخبار عالمية

  أقل من مشتريات مستحضرات التجميل.. 300 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ

 

 

متابعة / محمد نجم الدين وهبي

 

بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، قدمت الدول المُتقدّمة اليوم الأحد تعهدات بتقديم مزيد من التمويل للدول الفقيرة المهددة بتغير المناخ، وذلك في ختام مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب29» في أذربيجان والذي شهد اتقسامات عميقة.

 ووافقت دول العالم المجتمعة في باكو على اتفاق يوفر تمويلاً سنوياً لا يقل عن 300 مليار دولار للدول النامية التي كانت تطالب بأكثر من ذلك بكثير لمكافحة التغير المناخي. 

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أن الاتفاق بشأن تمويل المناخ الذي تم التوصل إليه في أذربيجان يعتبر “أساساً” يمكن البناء عليه. 

وقال غوتيريس «كنت آمل في التوصل إلى نتيجة أكثر طموحاً… من أجل مواجهة التحدي الكبير الذي نواجهه»، داعيا الحكومات إلى اعتبار هذا الاتفاق أساساً لمواصلة البناء”عليه. 

وأشاد المفوض الأوروبي فوبكه هوكسترا، بما وصفه بـ«بداية حقبة جديدة» للتمويل المناخي.

 

مفاوضات المناخ 

وأضاف المفوض المسؤول عن مفاوضات المناخ: «عملنا بجد معكم جميعا لضمان توفير مزيد من الأموال على الطاولة. نحن نضاعف هدف الـ100 مليار دولار ثلاث مرات، ونعتقد أن هذا الهدف طموح. إنه ضروري وواقعي وقابل للتحقيق». 

ورحب وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في «كوب29»، واصفا إياه بأنه «اتفاق حاسم في اللحظة الأخيرة من أجل المناخ».

وأضاف ميليباند «هذا ليس كل ما أردناه نحن أو الآخرون، لكنها خطوة إلى الأمام لنا جميعا». 

كما أشاد الرئيس الأميركي جو بايدن السبت باتفاق «كوب29» باعتباره «خطوة مهمة» في مكافحة الاحترار المناخي، متعهدا بأن تواصل بلاده عملها على الرغم من موقف خلفه دونالد ترامب المشكك بتغير المناخ.


مبلغ زهيد
 

وفي المقابل أعرب الكيني علي محمد، متحدثاً باسم المجموعة الأفريقية، عن أسفه لأن التمويل الموعود في مؤتمر «كوب29»: «قليل جدا ومتأخر جدا وغامض جدا». 

أما نظيره من ملاوي، إيفانز نجيوا، الذي يمثل أفقر 45 دولة في العالم، فندد بالاتفاق ووصفه بأنه «غير طموح». 

وقالت المندوبة الهندية شاندني راينا: «المبلغ المقترح ضئيل جدا. إنه مبلغ زهيد». 

وأعربت وزيرة الانتقال البيئي الفرنسية أنياس بانييه-روناشيه عن أسفها لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه اليوم الأحد ففي أذربيجان «مخيب للآمال» وليس على مستوى التحديات. 

ويتمثل هذا الالتزام المالي من جانب دول أوروبية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان ونيوزيلندا، تحت رعاية الأمم المتحدة، في زيادة القروض والمنح للدول النامية من 100 مليار إلى «300 مليار دولار على الأقل» سنوياً حتى عام 2035. 

والأموال مخصصة لمساعدة هذه الدول على التكيف مع الفيضانات وموجات الحر والجفاف وأيضا للاستثمار في الطاقات منخفضة الكربون بدلاً من تطوير اقتصاداتها عن طريق حرق الفحم والنفط كما فعلت الدول الغربية لأكثر من قرن.

 

حجم التمويل 

وهناك عدة طرق لتقييم ما قد يشكله مبلغ الـ300 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ مقارنة بالإنفاق في قطاعات أخرى بالعالم. 

ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإن إنفاق الحكومات حول العالم على القطاع العسكري في 2023 بلغ 6.7 مليارات دولار يوميـًا، مما يعني أن هدف تمويل مكافحة تغير المناخ السنوي البالغ 300 مليار دولار يعادل 45 يوماً من الإنفاق العسكري عالمياً. 

وفيما يتعلق بمشتريات متحصرات التجميل، فتقدر شركة “باين آند كومباني” قيمة سوق السلع الفاخرة العالمية بنحو 378 مليار دولار عام 2024 

كما يشكل مبلغ الـ300 مليار دولار حالياً ثمن كل النفط الخام الذي يستخدمه العالم في أكثر من 40 يوما بقليل، وذلك وفقا لحسابات وكالة «رويترز» بناء على الطلب العالمي على النفط الخام بحوالي 100 مليون برميل يوميا وأسعار خام برنت في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني. 

ووفقاً لمجلة فوربس، بلغت القيمة الصافية لثروة إيلون ماسك 321.7 مليار دولار خلال الشهر الجاري. 

وبلغت قيمة الأضرار التي تسبب فيها «كاترينا»، أحد أكثر الأعاصير تدميراً وفتكا في تاريخ الولايات المتحدة، نحو 200 مليار دولار في 2005. ووفقا لتقديرات شركة “أكيو ويذر”، يمكن أن تصل قيمة الخسائر الاقتصادية للإعصار هيلين، الذي ضرب بقوة إضافية بسبب تغير المناخ هذا العام، إلى 250 مليار دولار في الولايات المتحدة. 

وفيما يتلعق بالناتج المحلي الإجمالي لتشيلي (أكبر دولة منتجة للنحاس في العالم) فقد بلغ 335.5 مليار دولار عام 2023، وفقا لبيانات البنك الدولي.

 

برامج إنقاذ مالي لليونان 

وقد أنفقت دول منطقة اليورو وصندوق النقد الدولي حوالي 271 مليار دولار بين عامي 2010 و2018 ضمن برامج إنقاذ مالي لليونان، وهي أكبر عملية إنقاذ دولة في التاريخ الاقتصادي. 

وتحتاج الحكومة البريطانية الجديدة إلى زيادة الاقتراض لتمويل موازنتها. ومن المتوقع أن ترتفع إصدارات السندات الحكومية إلى 372.05 مليار دولار للسنة المالية الحالية. 

يأتي ذلك فيما يبلغ هدف التمويل المناخي السنوي 75% من القيمة الإجمالية للسوق العالمية لـ«إيثر»، ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم. وقد تغطي 3 ملايين بيتكوين هدف التمويل المناخي السنوي إذ تقترب أكبر عملة مشفرة في العالم من مستوى 100 ألف دولار بعد ارتفاع قوي مدعوم بفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري. 

ويعد مبلغ التمويل الجديد بمثابة خيبة أمل للدول الفقيرة التي تقدّر حاجاتها بما يتراوح بين 500 و1,3 تريليون دولار سنوياً لتتمكن من التخلص من الوقود الأحفوري والتكيف مع ظاهرة احترار المناخ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى