عربية

توقعات لبنانية بانتخاب قائد الجيش رئيسا للبلاد

محمد حسونه
يترقب اللبنانيون، اليوم الخميس، موعد الجلسة النيابية لانتخاب رئيس للجمهورية بعد فترة شغور رئاسي لأكثر من سنتَين وشهرَين، بفعل الانقسامات السياسية الحادة والممارسات الطائفية الخاطئة، وأخيرا أصبح قائد الجيش اللبناني، العماد جوزيف عون، على أبواب قصر بعبدا الرئاسي، بعد أن تبلورت بين ليلة وضحاها اتجاهات أغلب الكتل النيابية لدعم انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية في جلسة المجلس النيابي اليوم، بحسب صحيفة «اللواء» اللبنانية، بعدما أعلن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، انسحابه من السباق الرئاسي ودعمه لانتخاب قائد الجيش.
واستبق رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي جلسة الانتخاب بقوله أمس الأربعاء «للمرّة الأولى، منذ الفراغ في سدة الرئاسة، أشعر بالسرور لأنه، بإذن الله، سيكون لنا.. رئيس جديد للجمهورية».
على أبواب القصر
وأكدت مصادر للغد أنه تم التوافق قبيل انعقاد الجلسة البرلمانية اليوم الخميس، على اسم قائد الجيش، العماد جوزيف عون. فيما ذكرت صحيفة اللواء أن أكثرية النواب تجاوبوا مع المساعي العربية والدولية لانتخاب العماد جوزيف عون رئيساً، بعد الاهتمام الاستثنائي الذي أظهرته عواصم القرار العربي والدولي بالوضع اللبناني.
وتوقعت الدوائر السياسية اللبنانية، أن يخرج الدخان الأبيض اليوم من مجلس النواب، راسماً ملامح أمل جديد في فضاء اللبنانيين التوَّاقين للخروج من دوامة الأزمات التي ضربت لبنان على مختلف الصعد، ولذلك فإن «التوافق على اختيار العماد جوزيف عون لم يتم إعتباطا، أو بمجرد الصدفة، بقدر ما جاءت التسمية ترجمة عملية لمواصفات الرئيس العتيد التي توافقت عليها الدول الخمس: الولايات المتحدة والسعودية، وفرنسا ومصر وقطر، على امتداد اجتماعات مندوبيها وسفرائها في بيروت طوال سنتين تقريباً»، بحسب صحيفة اللواء.
وكانت مواصفات الخماسية، للرئيس اللبناني الجديد، أن يكون غير متورط مع المنظومة السياسية في ملفات وصفقات فساد، وبعيداً عن محاور الانقسامات التي شطرت النسيج اللبناني بين فريقي السيادة والممانعة، مع التأكيد على أن لا يشكل وجوده في الرئاسة تحدياً لأحد، ولا يُعتبر وصوله إلى قصر بعبدا انتصارا لفريق وإنكساراً لفريق آخر.
وبات واضحا أن إرادة التوافق على اسم العماد عون، شكلت غطاءً دستورياً للعملية الانتخابية بتأييد أوسع قاعدة نيابية ممكنة، قد تتجاوز المئة صوت بسهولة، وفتحت أبواب الإنقاذ على مصراعيها، عبر إعادة الاعتبار للسلطة الشرعية، واستعادة الهيبة المفقودة للدولة، واسترجاع الثقة العربية والدولية بقدرات اللبنانيين على النهوض من الكبوة الراهنة بأبسط الإمكانيات الممكنة.
فتوى دستورية
كان طرح اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسا للبلاد، قد اعترضه مانع دستوري، وبرزت إشكالية دستورية في هذا الترشيح، إذ إنّ المادة 49 من الدستور تمنع انتخاب موظفي الفئة الأولى «مدة قيامهم بوظيفتهم وخلال السنتَين اللّتَين تليان تاريخ استقالتهم وانقطاعهم فعلياً عن وظيفتهم، وكذلك، بالنسبة إلى قانون الانتخاب للعسكري والذي يشترط مرور ستة أشهر على تركه الخدمة».
إلاّ أن الإخراج الدستوري لهذه المعضلة كان قد تخطّاه مجلس النواب في عام 2008، عندما انتخب ميشال سليمان رئيساً، وكان أيضاً يمارس مهامه في قيادة الجيش.
فقد لجأ النواب إلى فتوى أعدّها وزير العدل الأسبق، بهيج طبارة، تقضي بالإفادة من المادة الدستورية رقم 74 للتنصل من تعديل المادة 49، معتبراً ما حصل مع العماد ميشال سليمان كان «تجاوزاً للمهلة»، أي الستة أشهر التي تفرض استقالة قائد الجيش أو سواه من العسكريين من منصبه قبل الانتخابات، وأنّ هذه المدة سقطت نتيجة الفراغ الحاصل في منصب الرئاسة بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود عام 2007، كما أنّ الأكثرية الموصوفة العالية التي حازها سليمان وقتذاك (110 أصوات) تنطوي ضمناً على تعديل للدستور. بالتالي، واستناداً إلى التجربة السابقة، فإنّ تأمين 86 صوتاً يعتبر تعديلاً للدستور. بحسب صحيفة النهار اللبنانية.
تفاعل اللبنانيين
وبينما تتجه الأصوات إلى قائد الجيش جوزف عون، يصادف عيد مولده الـ 61 في اليوم التالي الموافق الجمعة 10 يناير/ كانون الثاني حيث ولد عون في يوم 10 يناير/ كانون الثاني 1964، ببلدة سن الفيل في قضاء المتن، وهو في الأصل من بلدة العيشية الجنوبية.
وقالت صحيفة النهار، إن اللبنانيين تفاعلوا مع هذا الأمر، لتتوالى التغريدات ومنها «إن شاء الله هو الرجل المناسب في هذه المرحلة»، بينما قال آخر «عقبال المية فخامة الرئيس». وفي تغريدة أخرى «أحلا عيدية بمناسبة عيد ميلدك رح تكون هيدي السنة».
وصدر بيان عن اجتماع نواب المعارضة جاء فيه «بعد المشاورات المكثفة تحضيرا لجلسة 9 يناير/ كانون الثاني 2025، والجهود الدولية المشكورة من أصدقاء لبنان الذين سعوا إلى إخراجه من أزمته السياسية، ولاسيما بعد الحروب التي عاثت فيه خرابا ودمارا، توصل نواب قوى المعارضة إلى استنتاج بأن المرشح الذي يحظى بقدر كبير من التوافق هو العماد جوزف عون، وبناء عليه قرروا دعمه لمنصب رئيس الجمهورية اللبنانية والاقتراع له».
خامس قائد جيش
وإذا انتخب عون الخميس، سيكون خامس قائد جيش في تاريخ لبنان يصل إلى رئاسة الجمهورية والرابع على التوالي.
وتنتظر تحديات كبرى الرئيس المقبل والحكومة التي سيشكلها، أبرزها، بحسب وكالة فرانس برس، الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمّرت أجزاء في جنوب وشرق البلاد وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل ايضا الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان غير القوى الشرعية. ومن التحديات أيضا القيام بإصلاحات ملحّة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من خمس سنوات من انهيار غير مسبوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى