أخبار عالمية
إعلام إسرائيلي: المرحلة الثانية من اتفاق غزة تواجه مأزقا خطيرا

محمد حسونه
قال مصدر أمني إسرائيلي مطلع على اتفاق التبادل ووقف إطلاق النار في غزة، اليوم الأربعاء، إن المرحلة الثانية من الصفقة بين إسرائيل وحماس قد تنهار قبل أن تبدأ، وفق ما نقلت عنه صحيفة عبرية. مرجعا ذلك إلى «إخفاء جميع تفاصيل الاتفاق الموقع بين إسرائيل وحماس عن الجمهور».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن المصدر، قوله إنه «عندما يتضح لحماس أنه لا توجد مرحلة ثانية، لن يكون لديها أي دافع لإكمال الأولى، وبالتأكيد لن تصل إلى اليوم 42، حيث من المفترض أن يتم إطلاق سراح حوالي نصف المحتجزين الأحياء».
وأضاف «نتنياهو يقدم العديد من الروايات للتوافق بين ما وافق عليه مع ما أقسم أنه لن يوافق عليه أبدًا؛ الانسحاب من نتساريم ومن فيلادلفيا وغيرها من التناقضات».
قرارات مصيرية
وقال المصدر الأمني «القرارات في المرحلة الثانية ستكون أكثر مصيرية وستتعارض بشكل أكبر مع ما وعدت به الحكومة. وكما أظهر لنا الأسبوع الماضي مدى هشاشة الصفقة، وكيف يمكن لكل طرف أن يتهم الآخر بالانتهاكات، ومدى سهولة الإعلان عن انتهائها».
وأعرب المصدر الأمني عن قلقه، لافتًا إلى أن صورة الوضع التي يصفها تتضمن سلسلة من الصعوبات والتهديدات، خاصة السياسية، التي لن تسمح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتوقيع الصفقة، حتى لو كان يرغب في ذلك.
«خطوة تاريخية»
من ناحية أخرى، هناك بعض الأشخاص في إسرائيل، خاصة في المجموعة المحيطة بالوزير للشؤون الاستراتيجية رون درمر، يعتقدون أن كل شيء قابل للحل – بل أفضل من ذلك، وهو أن المرحلة الثانية ستكون جزءًا من خطوة تاريخية شاملة، تشمل التطبيع مع السعودية، وإدخال قوة متعددة الجنسيات إلى قطاع غزة، وعدم السماح لحماس بالعودة إلى السلطة، والتي ستسمح بإدخال لاعبين آخرين سيساعدون في تمويل إعادة إعمار القطاع، وغيرها، بحسب الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن كل ذلك «قد يأخذنا إلى الخطوة الكبيرة، وهي استكمال اتفاقيات إبراهيم بسرعة فائقة، والتي توقف نقاشها في منتديات سياسية ودولية مختلفة، ومن المؤكد أنها ستكون في صلب الاجتماع المخطط بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب».
وادعى المصدر الأمني أنه «حتى الآن لا يوجد شيء سوى الأحاديث. في الواقع، لا يمكن أن تكون المناقشات حول هذه المواضيع جزءًا من مكونات المرحلة الثانية، كما حددها الطرفان مسبقًا».
انهيار المرحلة الأولى
وفقًا للاتفاق، من المفترض أن تبدأ المحادثات حول المرحلة الثانية، يوم الاثنين المقبل، في اليوم السادس عشر من سريان الاتفاق، وأن تنتهي بحلول اليوم الخامس والثلاثين.
وطالما استمرت المفاوضات، و«الأطراف الضامنة للاتفاق تعمل على ضمان استمرارها حتى تحقيق اتفاق»، فإن جميع الإجراءات المعمول بها في المرحلة الأولى ستظل سارية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الوضع قد يكون مريحًا لنتنياهو، حيث يمكنه الاستفادة منه دون الالتزام الفعلي به، لكن ليس من المؤكد أن حماس ستوافق على ذلك.
إذ قد تفسر حماس عدم إحراز تقدم في الشروط الحاسمة للمرحلة الثانية كذريعة لتعطيل الاتفاق، و«قد تلجأ إلى خلق عقبات واتهامات بحدوث انتهاكات أو استغلال أحداث روتينية لم تكن تعتبرها خروقات في السابق، مما قد يؤدي إلى منع إطلاق سراح آخر مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين المقرر الإفراج عنهم في المرحلة الأولى»، بحسب الصحيفة.
إنهاء الحرب
قالت الصحيفة إن «قرارات الحكومة الإسرائيلية لا تحدد مضمون المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق»،
وأشارت إلى أن «الاتفاق الكامل يضع الإطار العام للمرحلة الثانية، التي تمتد على مدى 42 يومًا، وتشمل «إعلان تهدئة مستدامة (وقف دائم للأعمال العسكرية والعدائية) والشروع في تنفيذها قبل تبادل المحتجزين بين الطرفين، حيث يتم إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين المتبقين من الرجال الأحياء (مدنيين وعسكريين) مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية، مع انسحاب كامل لقوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة».
ولفتت الصحيفة إنه «منذ الجملة الأولى يكمن لغم قوي، إذ يتفق الطرفان على أن الشرط لبدء المرحلة الثانية هو الإعلان عن إنهاء الحرب وتحقيقه فعليًا – وذلك قبل تبادل باقي المحتجزين الأحياء بالأسرى، وقبل أي شيء آخر».
غموض الاتفاق
تم التوصل إلى الاتفاق نتيجة حسابات نتنياهو السياسية، حيث أوضح أنه لن يكون مستعدًا للمضي قدمًا إلا في اتفاق يبدأ بمرحلة «إنسانية» أولى لا تشمل إنهاء الحرب، على أن تتضمن المراحل اللاحقة بنودًا يمكنه الادعاء أمام شركائه في الحكومة بأنه لا ينوي تنفيذها.
تعقيد آخر يواجه المفاوضات هو إصرار إسرائيل على ألا يقتصر البند المحدد لطبيعة المفاوضات على مسألة آلية الإفراج فحسب، بل يمتد أيضًا ليشمل قضايا متعلقة بالمرحلة الثالثة، مثل الترتيبات الأمنية، وإعادة إعمار غزة، ونزع سلاح حماس، وإنشاء نقطة تفتيش في ممر فيلادلفيا، وهي قضايا من غير المرجح أن تلقى ترحيبًا من قبل حماس. بحسب يديعوت أحرونوت.
الانسحاب من ممر فيلادلفيا
في سياق مختلف، أعلن المتحدثون باسم رئيس الوزراء قبل يومين فقط، بأن «آلية التفتيش في نيتساريم تُنفَّذ بعد أن أصر نتنياهو على تضمينها في الاتفاق، رغم معارضة أطراف داخلية وخارجية».
غير أن الحقيقة تعاكس هذه التصريحات، فقد كرر نتنياهو وعوده مرارًا، مؤكدًا أن «إسرائيل لن تنسحب، تحت أي ظرف، من ممر فيلادلفيا أو ممر نيتساريم، رغم الضغوط الهائلة».
كما أصر هو ومساعدوه على ضرورة تفتيش جميع العائدين شمالًا، لكن في النهاية، تراجعت إسرائيل عن ممر نيتساريم وتنازلت عن تفتيش جميع العائدين، مكتفية بفحص القلة القليلة العائدة عبر المركبات.
من المتوقع أن يكون الانسحاب من ممر فيلادلفيا، المقرر تنفيذه في اليوم الخمسين من وقف إطلاق النار، تحديًا كبيرًا لنتنياهو، بعد كل تصريحاته بشأن الأهمية الاستراتيجية لهذا الممر. سيكون أمامه خياران: إما الإعلان عن خرق الاتفاق وتحميل حماس المسؤولية، أو الانسحاب والاستمرار في المفاوضات لإطلاق سراح المحتجزين، لكنه بذلك يخاطر بمستقبل حكومته.
اليوم التالي للقطاع
كما حذر العديد من المراقبين، فإن رفض الحكومة الإسرائيلية التفاوض على «اليوم التالي» والتوصل إلى اتفاق يشمل السلطة الفلسطينية قد ينتهي إما بحكم عسكري إسرائيلي في القطاع أو بعودة حماس إلى السلطة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا ما يجري حاليًا، ما قد يدفع البعض إلى استنتاج أن صفقة المحتجزين، تقوض إمكانية تحقيق نصر إسرائيلي كامل.
وكانت مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت، في بيان مشترك يوم 15 يناير/كانون الثاني الجاري، اتفاقا بين حماس وإسرائيل لتبادل المحتجزين الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين والعودة إلى الهدوء المستدام، بما يحقق وقفا دائما لإطلاق النار بين الطرفين.
ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل، وسيتم في المرحلة الأولى التي تمتد 42 يوما الإفراج عن 33 محتجزا إسرائيليا، فيما ستفرج إسرائيل خلال هذه المرحلة عن أكثر من 1890 أسيرا فلسطينيا.