سياحه وآثارمقالات

د. منصور بريك يكتب.. مشروع كساء الهرم الثالث

شيد الملك منكاورع خامس ملوك الاسرة الرابعة من عصر الدولة القديمة حوالى ٢٥٣٢ قبل الميلاد الهرم الثالث الأصغر فى هضبة الجيزة ليشكل مع هرمي جده وابيه خوفو وخعفرع أيقونة اهرام مصر.

ونظرا للظروف الاقتصادية فى عصره لم يستطع بناء هرم بارتفاع هرمي ابيه وجده بل كان ارتفاع هرم منكاورع ٦٦ متر فقط وأراد ان يقلد ما قام به والده من كساء الجزء الاسفل من الهرم بأحجار الجرانيت الاحمر ( الهرم فى اللغة المصرية القديمة كان يطلق عليه كلمة مرMr وكان يصور بقاعدة لونها احمر ولذلك فضل خعفرع ومن بعده ابنه منكاورع على تجليد الجزء الاسفل من هرميهما بالجرانيت كدلاله على كلمة هرم) ونجح فى الواجهة الشمالية من تجليد الهرم بارتفاع ١٧متر بعدد ١٦ مدماك من الجرانيت.

واثبتت الدلائل والدراسات الاثرية ان الملك منكاورع توفي قبل ان يكمل بناء مجموعته الهرمية والتى من اهمها بالطبع بناء هرمه واكمل ابنه شبسسكاف استكمال بناء تلك المجموعة وبمواد بناء بسيطة حيث اكمل المعبد الجنائزي بالخشب وشيد معبد الوادي لوالده فى معظمه بالطوب اللبن، والغريب انه حتى لم يكمل نحت بعض من تماثيل منكاورع بل وضعها كما هى غير كاملة فى المعبد مما يدل على أن شبسسكاف لم تكن معه الامكانيات حتى يكمل العمل فى آلهرم والدليل انه لم يستطع ان يشيد لنفسه هرم بل بنى مصطبه كبيرة فى سقاره ليتم دفنه فيها بعيدا عن هضبة الجيزة.
ونظرا لان الهرم لم يكتمل فقد استخدم كمحجر فى عصر رمسيس الثاني لقطع احجار الجرانيت من الكتل التى جلبها منكاورع قبل وفاته من محاجر اسوان لكساء هرمه وهى تلك الموجوده حول الهرم من الجهة الغربية والزاوية الشمالية الغربية، ويوجد نقش كبير لرئيس عمال الملك رمسيس الثاني منقوش على الصخر أمام الهرم الثاني لخفرع مكتوب اسمه فيه ويدعي “ماي”. 
وفي عام ١٩٩٦م وأثناء اعمال تنقيب فى الجهة الجنوبية من آلهرم الثالث تم الكشف عن تمثال مزدوج للملك رمسيس الثاني مع الاله رع خور اختي منحوت من احدى الكتل الجرانيت للهرم الثالث ونظرا لانه حدث شرخ في التمثال فتركه عمال رمسيس الثاني فى مكانه حتى تم اكتشافه. 
وفى القرن ١٢ الميلادي حاول الملك العزيز عثمان ابن يوسف نجل ووريث صلاح الدين الأيوبي هدم الهرم الثالث ولكنه فشل وأحدث به تلك الفجوة الكبيرة فى الواجهة الشمالية له، بعد ذلك فى عام ١٨٣٧م قام هوارد فايس بالتنقيب داخل الهرم واكتشف تابوته الرائع المصنوع من حجر البازلت والمزين بأشكال واجهات القصر الملكي وأراد نقله آلى انجلترا فى سفينة كان يطلق غليها بياتركس ولكنها غرقت أمام سواحل أسبانيا بالتابوت فى عام ١٨٣٨م واكتشف أيضا داخل الهرم تابوت خشبي عليه اسم منكاورع وداخله بقايا هيكل عظمي حاليا بالمتحف البريطاني، واعتقد وقتها انه اكتشف بقايا مومياء منكاورع ولكن اثبتت عملية التأريخ بالكربون ١٤ المشع ان هذا التابوت الخشبي يرجع لعصر الاسرة٢٦ حوالى ٦٠٠ قبل الميلاد. 
وبعدها اشتغلت بعثة هارفارد الأمريكية بقيادة جورج ريزنر واستطاع الكشف عن معبد الوادي واكتشف داخله المجموعة الرائعه من تماثيل منكاورع ومنها تلك المعروضة فى المتحف المصري، ومنها كذلك تمثال ضخم من حجر الالبستر واهمهم بالطبع تمثاله وزوجته خع مرر نبتي الثانية والمعروض حاليا فى متحف بوسطن فى أمريكا
وقام الدكتور عبدالعزيز صالح بالتنقيب حول الطريق الصاعد للملك منكاورع واكتشف ورشة كبيرة لصناعة الالبستر بها كتل ضخمة مازالت كما كانت عندما نقلها المصري القديم من محاجر حتنوب فى المنيا للهرم لتستخدم فى نحت تماثيل و واواني وقطع اخري للملك منكاورع.
كما قام بالتنقيب أمام الهرم الثالث دكتور على حسن وكشف عن بقايا المنحدرات التى استخدمت فى تشييد الهرم الثالث لرفع كتل الاحجار مازالت موجودة أمام الواجهة الشمالية للهرم ولم يتم إزالتها مما يؤكد أيضا ان الهرم لم يكتمل بنائه .
كما كشف الاثري كمال وحيد فى عام ٢٠٠٨م عن تمثال غير مكتمل النحت للملك منكاورع شمال آلهرم الثالث مصنوع من حجر الكوارتز ملقي بجوار سور المجموعة الهرمية مما يؤكد ما سبق من ان بناء الهرم لم يكتمل فى عصر منكاورع ولا شبسسكاف.
والواقع ان اعادة كساء الهرم بالكتل الجرانيتيه والتى توجد حوله من الجهة الغربية والشماليه هي فكرة تحتاج إلى دراسة كبيرة ومطوله ومن الصعب تحقيقها خاصة إذا ما لاحظنا ان الكساء الخارجي للهرم منكاورع والذي مازالت احجاره باقية حتى الان على واجهة الهرم الشماليه لم تنتهي الاعمال بها حيث ترك المصري القديم أغلبها دون صقل او تسويه مثل تلك الموجودة حول مدخل الهرم، كما ان معظم احجار الجرانيت الموجودة حول الهرم مازالت كما جلبها المصري القديم من محاجر اسوان كتل كبيرة غير مستوية وغير مشذبة بزاوية ميل الهرم حتى نؤكد انها ساقطة من الكساء الخارجي للهرم بل أغلبها مثل تلك الكتل التى كشف عنها الدكتور عبدالعزيز صالح فى ورشة الالبستر بجوار الطريق الصاعد لمنكاورع. 
كما أنه يجب الأخذ فى الاعتبار حالة احجار جسم الهرم نفسه حاليا وما مر بها من عوامل تعرية مختلفة لأكثر من ٤٥٠٠ عام .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى