أخبار عالمية

الحراك الطلابي بالجامعات الأميركية يهدد سطوة «اللوبي اليهودي»

 

 

متابعة / محمد نجم الدين وهبى

 

كشفت أحداث «ربيع الجامعات» والحراك الطلابي في الجامعات الأميركية، وتحديدا داخل جامعة كولومبيا، عن سطوة دور «اللوبي اليهودي» داخل الولايات المتحدة، وقد أزعجهم ما قام به الحراك الطلابي من عرض جرائم مجازر الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، والمطالبة بوقف فوري لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة.

اللعب بورقة «معاداة السامية»

محاولات «اللوبي اليهودي» التصدي للحراك الطلابي الذي تمدد داخل الولايات المتحدة وانتقل إلى أوروبا، كانت مناورة للعب بورقة «معاداة السامية» ولم تنجح محاولاتهم.. ثم قاموا بالاعتداء على الطلاب المعتصمين بالجامعة مما أعاد الحديث عن جريمة مشابهة قام بها «اللوبي اليهودي» في جامعة كولومبيا، في 19 يناير/ كانون الثاني 2024 عندما هاجم عناصره بمادة يعتقد أنها سلاح كيميائي تجمعا طلابيَا لدعم الفلسطينيين وسط الحرب في قطاع غزة.. وأعلنت شرطة نيويورك يوم الثلاثاء، 23 يناير/ كانون الثاني، أنها فتحت تحقيقا في هجوم كيميائي مزعوم حصل داخل حرم الجامعة.

وفي التحقيق قالت منظمة «طلاب من أجل العدالة في فلسطين»، إن المواد الكيميائية تم رشّها من قبل طالبين، وهما جنديان إسرائيليان سابقان، اختلطا مع الحشود مرتدين الكوفية الفلسطينية.

 

إطار تنظيمي عام للوبي اليهودي

و«اللوبي الصهيوني» هو التعبير الأشمل لـ«اللوبي اليهودي»، وهو إطار تنظيمي عام يعمل داخله عدد من الجمعيات والتنظيمات والهيئات اليهودية والصهيونية تنسق فيما بينها، من أهمها: مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الكبرى، والمؤتمر اليهودي العالمي، واللجنة اليهودية الأميركية، والمؤتمر اليهودي الأميركي، والمجلس الاستشاري القومي لعلاقات الجماعة اليهودية.

وكل هذه المنظمات لديها ممثلون في واشنطن للتأثير على عملية صنع السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.

 

الجماعات الصهيونية

وهناك أيضاً عدد من الجماعات الصهيونية التي تسعى إلى كسب تعاطف الرأي العام الأمريكي مع إسرائيل، والتي ظهرت في بداية الأمـر من أجـل السعي لإنشاء دولة إسرائيل ثم تأييدها بعد ذلك. ومن هذه المنظمات: المنظمة الصهيونية لأميركا، والتحالف العمالي الصهيوني، والهاداساه، ومنظمة النساء الصهاينة في أمريكا. وتعمل هذه الجماعات على كسب الرأي العام عن طريق مشروعات متعددة تتراوح بين إنشاء المدارس التي تعلِّم العبرية، وإنشاء المستشفيات، وإنتاج الأفلام الموالية لإسرائيل، وتمويل رحلات الباحثين والسياسيين الأمريكيين إلى إسرائيل ( دراسة للوبي اليهودي والصهيوني: الفرضية السائدة // موسوعة الأديان)

 

نفوذ اليهود في أميركا  لايتناسب مع عددهم

الجماعة اليهودية جماعة منظمة لدرجة كبيرة، وهذا يجعلها قادرة على مضاعفـة قوتها، وزيادة نفوذها لدرجة لا تتناسب مع أعداد أعضائها.. كما ساعد نظام الانتخابات في الولايات المتحدة على أن يلعب اليهود دوراً ملحوظاً في الانتخابات بسبب تركُّزهم في بعض أهم الولايات التي تقرر مصير الانتخابات الأمريكية.. (نيويورك ـ كاليفورنيا ـ فلوريدا).

ولذلك يستند اللوبي اليهودي والصهيوني إلى قاعدة واسعة من الناخبين من أعضاء الجماعة اليهودية.. وتوجد بين هؤلاء الناخبين نسبة عالية من الأثرياء، يُقدَّر أنهم يتبرعون بأكثر من نصف مجموع الهبات الكبرى للحملة الانتخابية للحزب الديمقراطي، إضافة إلى مبالغ ضخمة لحملات الحزب الجمهوري.

 

تأثير الجالية اليهودية في الحياة السياسية 

ويشير مركز الدراسات  العربية  الأوراسية  CAES إلى أن الجالية اليهودية في الولايات المتحدة، تتميز بتأثيرها في الحياة السياسية، مع أنها لا تشكل أكثر من 2.4% من سكانه. ويعتقد الخبيران الإسرائيليان، ماثيو سيلفيرا من جامعة حيفا، وهاتويل رادوسيتسكي من معهد دراسات الأمن القومي، أن هذا يرجع إلى «العدد الكبير من اليهود في الحزب الديمقراطي الأمريكي، والإعانات الكبيرة التي يمكن أن يقدمها المانحون اليهود للمرشحين الرئاسيين، والنفوذ اليهودي في الإعلام».. في الكونغرس، يشغل النواب اليهود 33 مقعدًا، أي 6% من إجمالي عدد أعضاء هذه المؤسسة التشريعية. ووفقًا لاستطلاعات الرأي، فإن الناخبين اليهود يصوتون أيضًا بمعدل ضعف ما يصوت به المواطن الأمريكي العادي.

 

اليهود.. جمهور الحزب الديمقراطي

يُنظر إلى اليهود الأمريكيين تقليديًّا على أنهم جمهور الحزب الديمقراطي ومؤيدو وجهات النظر الليبرالية، وتؤكد البيانات المستمدة من الدراسات الاستقصائية الاجتماعية الأخيرة هذا الاتجاه. وفقًا لمعلومات من معهد الناخبين اليهود (JEI) منشورة في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2023:

    77 % من الناخبين اليهود لديهم وجهة نظر سلبية تجاه دونالد ترمب.

    74 % من الناخبين اليهود يوافقون على موقف الرئيس بايدن من الحرب بين إسرائيل وحماس.

    60 % من اليهود يثقون ببايدن أكثر من ترمب، و40% يثقون بالديمقراطيين أكثر من الجمهوريين في القضايا المتعلقة بالحرب.

    43 % من الناخبين اليهود مقابل 24 % يثقون بالديمقراطيين أكثر من الجمهوريين في مكافحة معاداة السامية.

    77 % من اليهود الأمريكيين يؤيدون حزم المساعدات لإسرائيل وأوكرانيا.

 

الدعم اليهودي للديمقراطيين يرجع  إلى أكثر من مئة عام

وتقول دراسة للكاتب السياسي «أرتيوم كيربيتشينوك»، على موقع مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن الدعم اليهودي للديمقراطيين يرجع إلى أكثر من مئة عام، وبفضل سياسات الديمقراطيين، حصل اليهود على المساواة الكاملة، والمناصب البارزة في الثقافة والأعمال والسياسة الأمريكية. لقد تغيرت الحضارة الأمريكية من «المسيحية» إلى «اليهودية –المسيحية»؛ لذلك، بالنسبة لـ7% فقط من اليهود الأمريكيين، فإن موقف المرشح الرئاسي فيما يتعلق بإسرائيل سيكون حاسمًا لاختيارهم في يوم الانتخابات،  .

من الصعب القول إلى أي مدى يستطيع دونالد ترمب استمالة اليهود الأمريكيين إلى جانبه، على عكس التقليد التاريخي.

يصوت بعض اليهود الأمريكيين تقليديًّا للجمهوريين

ومع أن غالبية اليهود الأمريكيين يدعمون الديمقراطيين، فإن هذا لا يعني أن المجتمع اليهودي بكامله في الولايات ىالمتحدة كتلة تصويتية واحدة. يصوت بعض اليهود الأمريكيين تقليديًّا للجمهوريين، تحديدًا مجتمعات اليهود الأرثوذكس، الذين يعيشون وفق مبادئ الشريعة اليهودية في جميع شؤون الحياة اليومية، وينفذون قرارات حاخاماتهم بدقة؛ لأن الجمهوريين المحافظين الذين يلجؤون إلى الإيمان والتقاليد هم أقرب بكثير إليهم من الديمقراطيين الذين يدعون إلى تقنين الإجهاض، والتسامح مع المثليين.

اللوبي اليهودي بين ترمب وبايدن

بينما يمكن لدونالد ترمب أيضًا الاعتماد على اليهود الذين هاجروا مؤخرًا إلى الولايات المتحدة من فرنسا وإسرائيل، وبلدان الاتحاد السوفيتي السابق. الجاليات اليهودية القادمة من هذه البلدان معروفة بآرائها اليمينية المتطرفة.. وإذا  كان المال في الولايات المتحدة، يشكل العنصر الأكثر أهمية في الحملة الانتخابية،  فإن قدرات الجمهوريين تصبح منقطعة النظير. وهكذا، ضاعف المجلس الديمقراطي اليهودي الأمريكي (JDCA) ميزانيته إلى 4 ملايين دولار منذ تأسيسه عام 2018، وترؤسه سوزان ستيرن، وهي فاعلة خير يهودية بارزة في نيويورك. في المقابل، أنفق الائتلاف اليهودي الجمهوري 10 ملايين دولار على حملة عام 2020، و6.6 مليون دولار على انتخابات 2022، ويستعد الآن للالتزام بمبالغ أكبر بكثير لأجل ضمان فوز دونالد ترمب. 

ويؤكد «أرتيوم كيربيتشينوك»،أن العام الحالي سوف يكشف ما إذا كان تأثير اليهود الأمريكيين سيكون كافيًا للرئيس الديمقراطي جو بايدن، للفوز بالانتخابات الرئاسية في الخري… لكنّ اليهود الأمريكيين يقفون إلى جانب الرئيس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى