الفلسطينيون يسلطون الضوء على «الإبادة الجماعية» في مؤتمر المناخ
متابعة / محمد نجم الدين وهبي
«اجتماعات المناخ تهتم بحماية البيئة، ولكن لمن نحميها؟ إذا كنتم تقتلون الناس في غزة؟ فلمن نحاول حماية البيئة ولمن نعمل على تقليل آثار التغير المناخي؟».
هكذا عبَّر مسؤولون وفلسطينيون، حضروا إلى مؤتمر المناخ «كوب 29» عن معاناة الشعب الفلسطيني، وما يرونه من تناقض في المجتمع الدولي حيال الحرب المستمرة على قطاع غزة.
فبينما تتفاوض الدول حول تمويل المناخ، جاء مسؤولون وداعمون فلسطينيون إلى المؤتمر في باكو لإبراز تقاطع أزمة الاحتباس الحراري مع أزمة أخرى؛ الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، حسبما جاء في تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية.
التغير المناخي في فلسطين
ورغم ما يمر به الشعب الفلسطيني، أكد أحمد أبو طاهر، مدير المشاريع والعلاقات الدولية في هيئة جودة البيئة الفلسطينية، الذي حضر إلى المؤتمر من رام الله، أن فلسطين «تؤدي واجبها» في اتفاقيات المناخ التابعة للأمم المتحدة. فقد وقّعت فلسطين على اتفاق باريس للمناخ وقدمت خططًا لخفض الانبعاثات إلى هيئة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ.
وتشهد فلسطين ارتفاعًا في درجات الحرارة أسرع من المتوسط العالمي، وهي معرضة بشدة للفيضانات، وموجات الحر، والجفاف، والعواصف. ولكن العمل البيئي يواجه تعقيدات بسبب الحرب المستمرة، وفقًا لأبو طاهر.
وقد وصف بعض الناشطين أزمة غزة بأنها «إبادة بيئية»، مشيرين إلى أن الحرب جعلت النظم البيئية في القطاع غير قابلة للحياة.
إذ قالت ناشطة البيئية،عبير البطمة، وهي منسقة شبكة المنظمات البيئية الفلسطينية وأصدقاء الأرض فلسطين، والتي جاءت إلى المؤتمر من الضفة الغربية: «ما يحدث في غزة يقتل جميع عناصر الحياة تمامًا».
«الإبادة البيئية»
سعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، هذا الأسبوع، للحصول على مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش السابق يوآف غالانت، فضلا عن قائد الجناح العسكري لحركة حماس، محمد الضيف، سبب أفعالهم منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وخلال هذه الفترة، قتلت القوات العسكرية الإسرائيلية عشرات الآلاف في القطاع ودمّرت البنية التحتية والنظم البيئية، إذ تم إسقاط أكثر من 80 ألف قنبلة على القطاع، ما أدى إلى تدمير ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية وتلوث أنظمة المياه المجهدة أصلًا، وفقًا للبطمة، التي وصفت الوضع بالـ «كارثي».
وقد قطعت إسرائيل وصول غالبية الموارد إلى غزة، ما ترك سكانها البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون شخص يعانون من مستويات خطيرة من انعدام الأمن الغذائي، حسب الأبحاث. كما أصبحت مصادر الطاقة شحيحة.
يقول أبو طاهر: «تسيطر إسرائيل على أكثر من 90% من طاقتنا، لذا فالوضع ليس سهلًا».
ومع انقطاع الكهرباء، أُجبرت محطات معالجة مياه الصرف الصحي على الإغلاق، ما أدى إلى تدفق مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى الشوارع. وعندما اختبر البيئيون، بمن فيهم البطمة، مياه غزة، وجدوا مستويات خطيرة من بكتيريا القولون البرازية.
وأضافت البطمة: «بقطع الغذاء والطاقة والمياه، يعني ذلك قتل جميع سكان غزة».
ترى البطمة، حسبما نقلت عنها الغارديان، أن الدمار في غزة مرتبط بشكل وثيق بتدفق الوقود الأحفوري. وطالبت هي وآخرون بفرض حظر على تصدير الوقود إلى إسرائيل، وهو مطلب تصدّر الاحتجاجات والمؤتمرات الصحفية في أروقة مؤتمر المناخ «كوب 29».
وقال منظم فلسطيني وطالب دكتوراه -طلب عدم الكشف عن اسمه- لصحيفة الغارديان «لدينا ثلاثة مطالب رئيسية: أن تتوقف الدول عن بيع الطاقة لإسرائيل، وأن تتوقف الدول عن شراء الغاز من إسرائيل، وأن تنسحب الشركات من المشاركة في استخراج الغاز من المياه الفلسطينية المحتلة بشكل غير قانوني».
فيما يخص النقطة الأولى، يدعو المنظمون الحكومات إلى الاقتداء بكولومبيا، التي أنهت مبيعات الفحم لإسرائيل في يونيو/حزيران 2024. وكانت كولومبيا المصدر الأكبر لواردات الفحم الإسرائيلي.
وقد قدمت دول أخرى التزامات مماثلة – فتركيا، على سبيل المثال، قالت في مايو/آيار إنها تتبنى حظرًا تجاريًا كليًا مع إسرائيل. لكنها، حسب التقارير، لا تزال تسمح بتدفق النفط إلى إسرائيل عبر خط أنابيب باكو-تبليسي-جيهان (BTC).
«مشاركون في الإبادة»
وجدت مجموعة مكافحة الوقود الأحفوري «تغيير النفط الدولي» مؤخرًا أن 28% من النفط الخام الذي تم توريده إلى إسرائيل بين 21 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و12 يوليو/ حزيران 2024 جاء من أذربيجان، البلد المضيف لقمة المناخ هذا العام. وسألت البطمه: «إذا كانوا يساهمون في الإبادة الجماعية، فكيف يمكنهم الحديث عن العدالة المناخية؟».
ويستهدف الناشطون شركة الطاقة «بريتيش بتروليوم» (BP) بشكل خاص، التي تُعد المشغل الرئيسي والمساهم الأكبر في خط أنابيب «باكو-تفليس-جيهان» (BTC)، والذي يشمل على شركات «توتال إنرجي» و«إكسون موبيل»، والتي تُنتج النفط الخام المنقول إلى إسرائيل بالتعاون مع شركة النفط الوطنية الأذربيجانية.
يشار إلي أنه في مارس/آذار الماضي، صرّح خبير في حقوق الإنسان بالأمم المتحدة أن إسرائيل ارتكبت أعمال إبادة جماعية في غزة ويجب أن تخضع لحظر على الأسلحة. وتنص اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 على أن أطراف الأمم المتحدة ملزمة باستخدام جميع الوسائل المتاحة لمنع الإبادة الجماعية في دولة أخرى قدر الإمكان.
كما كشف تحقيق أجرته حملة «الطاقة لفلسطين» في سبتمبر/أيلول أن النفط الذي يتم نقله عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» يتم تكريره إلى وقود طائرات حربية تستخدمه قوات الاحتلال.