Uncategorized

حامد عز الدين يكتب..استئذان بالابتعاد

 

حامد عز الدين يكتب..استئذان بالابتعاد : وما جدواك من هذا العناء ؟!

بقلم رئيس مجلس التحرير
 
الحديث ورد في عدد من كتب الحديث عن أبي هريرة ، قال: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة))، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة .
 
“التافه يعني الرجل الذي لا شأن له ولا معرفة له ولا علم له، لأن التفاهة الموصوفة في الحديث هي ليست لذاته أو نسبه إنما لما اطلع به والحديث في أمر العامة وهو في غيبة عن علم يفيده ويعينه على الحديث وفي غيبة عن تجربة تفيد في الحديث والعلم هنا الذي غاب عنه هو علم شرع وعلم واقع ” ..
 
وأضاف المصلح: “كذلك هو (التافه) في غيبة عن الحكمة التي تنتج عن العلم والتجربة فليس عنده تجربة وليس عنده علم وبالتالي ليس عنده حكمة فيصدق عليه أنه رويبضة ؟.
 
 
هذا النموذج الذي ورد في الحديث أصبح هو السائد بشكل أساسي في مختلف وسائل الاعلام بصفة عامة , والاعلام الرياضي بشكل خاص للغاية , عندما ضاعت كل الأصول وتساوى الجهلة والأفاكون والأفاقون والخونة والكذابون , مع أصحاب الخبرة والتجربة والحكمة والعلم .
 
بل تحول الأمر الى معادلة عبثية يصبح فيها الأكثر تأثيرا وذيوعا وانتشارا , هم هؤلاء الذين لا يملكون القدرة على التفكير فيما ينطقون به قبل “إخراجه” من أفواههم !.. ووضعه على السنتهم . وتحول “الهبيدة “الى موضوع للاعلانات التلفزيونية .
 
أما الذين لا يزالون يتمسكون بالحد الأدنى من الأخلاق والصدق والأمانة , فلم يعد لهم مكان في مخازن النفايات التي يعاد فيها تدوير مايلقى من نفايات في سلال القمامة ,
 
وهي صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها التي أتاحت للرويبضة مكانا فسيحا بل فسيحا للغاية , للتركيز على تلك النفايات المكتوبة أو المسموعة أو المرئية لتتحول إلى نفايات إليكترونية ما أنزل الله بها من سلطان .
 
وتتحول مثل هذه النفايات ذاتها مجددا إلى موضوعات تنشر وتناقش في وسائل اعلامية تصدر عن مؤسات المفروض فيها أنها “محترمة ” بفتح الراء ومحترمة – بكسرها – لجمهورها من المتلقين متفاوتي الثقافة والتعليم والأخلاق .
 
والأمر المثير للياس والاحباط ان هذه التجربة المريرة لا يبدو أن لها نهاية في الأفق القريب أو حتى البعيد , بل إنها مرشحة للتصاعد والتضاعف , لأن صوت العقل والحكمة والأمانة والصدق , يخفت شيئا فشيئا , وصار أصحابه فئة قليلة , ببساطة لأنه كما يقول المثل الانجليزي “
 
الأواني الفارغة تصدر ضوضاء أكثر ” , وبمفهوم المخالفة توارى أصحاب الأواني ” المليئة بالحكمة والعلم والأخلاق ” , ببساطة لأنهم لا يصدرون ضجيجا يجلب المزيد من الاعلانات لتحقيق الهدف “الذي صار الأسمى ” وهو تحقيق الأرباح بالمتاجرة في وعي الناس وإدراكهم وتعليمهم كيف يفرقون بين الحق والباطل , وبين الأكاذيب والحقائق , كيف يفرقون بين الكذب والصدق , كيف يفرقون ما بين الإيمان والكفر ” .
 
وفي زمن صارت فيه ” قلة الأدب والسفالة والانحطاط أمرا عاديا ” , وفي زمن صار فيه القابضون على أسس الأخلاق كالقابضين على جمر من نار , وتحول الجبن إلى سبب للارتزاق باعتباره سيد الأخلاق ,
 
اسمحوا لي قراء مجلة “الأهلي ” الأحباب أن استأذنكم في الرحيل من على صفحات “الأهلي” التي ارتبطت بها منذ ما يزيد عن الأربعين عاما .
 
مع رجاء خاص الى صديقي “المحترم جدا ” رئيس تحرير المجلة الأستاذ ابراهيم المنيسي بأن يساعدني في تحقيق هذه الرغبة , فقد صارت الكتابة الصحفية أقرب ما تكون الى الكتابة على الماء . وأتذكر في هذا التعبير ماكتبه الشعر أحمد مطر ذات يوم :
أيها الكاتب بالجمر
على صفحة ماء
ما الذي يعنيه منك الجد يا هذا ؟
وما جدواك من هذا العناء ؟
حامد عزالدين
حامد عز الدين يكتب..استئذان بالابتعاد
حامد عز الدين يكتب..استئذان بالابتعاد : وما جدواك من هذا العناء ؟!

 

 
 
 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى