مقالات

الكرتون وظلال الواقع

بقلم الأديب محمد ديبو حبو
والأديبة غادة مصطفى
 
ما كنا نراه على شاشات التلفزة من برامج كرتونية ممتعمة للغاية في الزمن الماضي كان بمثابة المؤسس للقيم النبيلة التي يجب أن تغرس في الذات الإنسانية منذ نعومة الأظفار أو بالأصح هي تلك التي تسقى للطفل عبر المتعمة لتصبح عادات وأفكار سامية تخالط روحه حتى تغدو جزءً من تركيبه الفكري الثقافي ..وبالعودة إلى مسميات تلك البرامج الكرتونية نجد أنّ العناوين المطلقة على تلك البرامج هي نواة تحمل في داخلها بذورها المثمرة والتي تحقق الهدف ، على سبيل المثال ( صراع الجبابرة ) عنوان عريض مثير يحمل بين طياته مفهوم إنساني ثقافي عميق بين قطبي الخير والشر،
لعلّ التجربة الفردية للأشخاص سابقاً مع تلك المحطات التي تعرض البرامج الكرتونية هي من أسهمت برفع مستوى الوعي لديهم ، حيث كان محور اهتمام بعض الأفراد من العائلة منصبّ على نظرة الطفل لما يعرض، أي هل هذه البرامج تحاكي الواقع و ماذا تحمل في طياتها لهذا المتلقي الصغير .
 
نعم كنا ننتظر بشوق وتأمل ولهفة لموعد عرض برامجنا المحببة و التي هي بالأساس تعكس رؤية الفرد لثقافة يجب أن تكون شاملة مؤسسة للفكر. إنّ الاهتمام العام من قبل الآخرين كان منصبّاً على ما تتضمنه تلك البرامج من مواد غذائية فكرية وفلسفية قيمة يحتاجها الطفل في تلك الحقبة أو بالأحرى نحتاجها نحن اليوم أكثر من أي وقت آخر وخاصة مع صراع الجبابرة الحالي الذي بات مختلفاً من حيث الهدف والغاية فلم يعد يعكس رؤية الإنسان الإيجابي والسلبي كصراع بين محورين فكريين رئيسيين هما الخير والشر ..
 
وبالتالي نجد أنّ محاولة الدخول إلى العمق الفكري للإنسان والذي قد يبث عبر برامج الكرتون يحتاج فقط
إلى مراقبة سلوكه وأدائه ومعرفة رغباته ومن ثم يأتي دور التقييم والتخطيط لما يراد كأساس لتوجيه فكر الأفراد بمنحى معين من خلال بث عادات وأفكار تحدد مسار الأفراد و تعيد صقل نظرتهم و معالجتهم للأمور .
صراع يدخل ضمن إطار المصالح المشتركة في عصرنا الحالي لتولي عرش قيادة العالم .
 
نعم اليوم أصبحت برامج الكرتون تقوي الصراع الداخلي للفرد والذي يعكس صراع
القوى العظمى من أجل تولي عرش قيادة العالم والدول النامية و الفقيرة.
 
لتكون ضريبة هذا الصراع مدفوعة سلفاً لتأخذ بعداً إنسانياً بالإضافة لأبعاد أخرى كنتيجة حتمية لإنتاج أزمة اقتصادية وفكرية واجتماعية عالمية ناتجة عن هدف تخريب الفكر والذي يؤدي بدوره إلى كوارث جمّى تبدأ بالفرد وتنتهي بالعالم كاملاً.
 
أكثر ما يثير التساؤل أولئك الذين يلعبون دور تجار الأزمات العالميين فهم بجهلهم لهم دور بارز في تأجيج تلك الصراعات لنجد أنفسنا بدأنا ببرامج كرتونية من المفترض أن تكون للمتعة ونشر القيم لنصل للآسف إلى كوارث عالمية يندى لها جبين الإنسانية.
 
إنّ تخريب الفكر وبث القيم المغلوطة يعود بوابل من الآثار السلبية غير المحدودة بدءاً من الفرد ليعم ذلك التخريب الفكري ليشمل بقاع الكرة الأرضية أي من يشعل فتيل الجهل والتخريب سيطاله وبال ما اقترف عاجلاً أم آجلاً.
 
بذلك يتوجب علينا التنبه لما يشاهده أطفالنا من برامج تشكل ثقافتهم و فكرهم لعلّنا ننقذ أنفسنا و جيلنا القادم من براثن ما يحاك لهم بهدف تحقيق المصالح والمطامع لتلك الدول العظمى التي ستجعل من أطفالنا سلّماً للوصول إلى الغايات والمقاصد .
 
بقلم الأديب محمد ديبو حبو والأديبة غادة مصطفى
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى