مقالات

الاستقطاب وصنع الإرهاب

بقلم محمد مهدي

دائما ما تأخذنا حوادث الحاضر إلى فتح ملفات الماضي والتبحر في التاريخ لنفتش ونبحث عن تحليل لما يجري حولنا ففي التاريخ العبرة وفيه التفسير والخبر .
منذ أكثر من عشر سنوات وحتى اللحظة تتراكم وتتسارع أخبار الحوادث والتفجيرات والعمليات الانتحارية لمنظمات وكيانات إرهابية ترتكب الفواحش والموبقات باسم الدين وتطالعنا الأخبار بعمليات يرتكبها أشخاص عاديين لم يتربوا وسط تلك الجماعات الإرهابية ، فكيف تم استقطاب تلك الذئاب المنفردة ؟
وقبل أن نجيب عن هذا السؤال يجب أولا أن نبرأ الدين من تلك الجرائم التي ترتكب باسمه ولن نجد سوى التاريخ ليمحو تلك الافتراءات. 
ونرجع إلى الوراء وتحديدا نهاية القرن الحادي عشر الميلادي عندما هبت على الشرق الإسلامي حملات دموية متتابعة تتخذ من الصليب شعارا وترتكب المجازر باسم الرب فمن أوصل لفكر تلك الجنود أن القتل والتعذيب والحرق والتدمير والترويع من أجل الرب وإرضاء له .
هكذا تم الاستقطاب باسم الدين لكسب المؤيدين وتجييش الجيوش والغرض من تلك الحملات كان اقتصاديا وسياسيا وبعيدا كل البعد عن الدين فلا دين يدعوا لذلك وتعاليم السيد المسيح بريئة من ذلك .
كذلك ما تم ارتكابه من مجازر قام بها الشيعة ضد المسيحيين والسنة على مر التاريخ كان باسم الإسلام وهو بريء منهم ولا يمتون في الأساس للإسلام بأي صلة .
ومن الماضي نعود للحاضر لنجيب على السؤال الأساسي في مقالنا كيف يتم الاستقطاب؟
والإجابة إنه ( الإنترنت ) فاصطياد الفريسة غالبا ما يبدأ من شبكات التواصل الاجتماعي ليجد الشخص الساذج نفسه في براثن تنظيم إرهابي استغل جهله ولعب على وتر الدين ليدفعه إلى قبول أفكار متطرفة تنتهي بتفجير نفسه أو قتل الأبرياء .
هكذا تصيد ( داعش ) الأتباع وغيره من الجماعات المتطرفة التي تأخذ الإسلام ستارا لها ومن تحريف النصوص واللعب بالألفاظ وسيلة للصيد ؛ وعلى ذكر داعش التي تم استغلالها للطعن في الدين الإسلامي فهناك تنظيم آخر يحمل الاسم ذاته في أوغندا يطلق عليهم (جيش الرب) يسعى لإنشاء دولة دينية مسيحية .
والخلاصة مما ذكرناه أن الدين بريء من الإرهاب براءة الذئب من دم ابن يعقوب ؛وأن الإنترنت وسيلة الاستقطاب لتلك التنظيمات والكيانات الإرهابية فحسب دراسة للمركز الدولي لدراسة التطرف بلندن أثبتت أن ٩٠% ممن تم استقطابهم لتنفيذ هجمات إرهابية بفرنسا كانت عبر الإنترنت وأن ٧٥% من منفذي الهجمات الإرهابية في تونس كانت أيضا عبر الإنترنت .
وفي النهاية أود أن أذكر أن أول موقعا إليكترونيا يدعوا للتطرف واستقطاب الشباب تم إنشائه على يد شخص أمريكي وليس شخصا عربيا أو مسلما ؛ وقد كان يدعوا إلى نقاء الجنس الأبيض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى