سياحه وآثارمقالات

كيف كانت مصر قبل توحيد القطرين

كتب نصر سلامة

ارتبط اسم الملك مينا بتوحبد القطرين (المملكتين الشمال والجنوب) حوالي عام 3200 ق.م ويعتبر الملك مينا مؤسس الأسرة الأولى.
كما أنه أسس أول عاصمة لمصر الموحدة وإختار لها مكاناً يربط بين الشمال والجنوب وهى التى عرفت فيما بعد بإسم “منف” (وهى حالياً قرية ميت رهينة بمركز البدرشين محافظة الجيزة) وقد أحاطها بسور أبيض ولذلك سميت مدينة (الجدار الأبيض) ثم تغير إسمها بعد ذلك إلى (منف).


أقام “مينا” فى العاصمة “منف” أول حكومة مركزية قوية لمصر كلها ، وإستطاعت هذه الحكومة المركزية القوية تكوين جيش قوى ومنظم لحماية البلاد, وتامين حدودها من غارات الأعداء الذين كثيراً ما كانوا يطمعون فى خيرات البلاد.
هو أول من قام بترويض نهر النيل ، حيث أقام أول عمليات شق الطرق وإقامة الجسور على النيل ، بل أنه أغلق فرعا للنيل حتى يصب الفيضان فى المجرى الرئيسى لتسهيل النقل والملاحة.
لم يأتي توحيد القطرين بشكل مفاجئ ، بل سبقة محاولات عديدة تطورت من وجود أفراد الي أن أصبحت دولة، و أن الجنسين من شمال وجنوب مصر قد عاشا معًا زمنًا طويلًا في جماعات ثم تطورت إلى قبائل تحت حماية معبود في شكل وثن ويحكمها مجلس مكون من شيوخها، ثم الملكية المحلية، ثم اتحاد المقاطعات معًا، وفي النهاية اتحدت في دولة واحدة.
كانت الجماعات في البداية منتشرة حول وادي النيل مثلها في البلاد الأخرى على حالتها الفطرية؛ إذ كانت الجماعة أو القبيلة في حالتها الساذجة تلتف حول صورة حيوان أو نبات سواء أكان حقيقيًّا أم رمزيا، وكانت تتخذ ذلك لها بمثابة معبود أو وثن تعبده، وبعد ذلك أخذت القبائل تتجمع وكونت مدنًا لكل منها حكومتها، أما شارات هذه المدن الأولى سواء أكانت وثن أم حيوان ذو صفات معينة فأصبحت كآلهة تحمي هذه المدن، وبعد ذلك تكونت مديريات من هذه المدن مع القبائل التي تعترف بسلطان إله المدينة ومما يجاورها من الأقاليم، وكانت تعرف كل من هذه المديريات باسم المقاطعة، وهذه المقاطعات كانت في بادئ الأمر مستقلة، وإن كان حكامها لم يطلق عليهم الملوك، والظاهر أن عدد هذه المقاطعات كاد يكون متساويًا في الوجهين القبلي والبحري، وبعد مضي زمن قامت حركة اتحاد في البلاد، وذلك حينما تجمعت مقاطعات الوجه البحري إلى مملكتين الأولى في الغرب وعاصمتها «بحدت»، وربما كانت دمنهور الحالية، والثانية في الشرق وعاصمتها «بوصير» بالقرب من سمنود الحالية، وبعد فترة من الزمن اندمجت هاتان المملكتان في مملكة واحدة أطلقوا عليها “الوجه البحري”، وكانت العاصمة لتلك المملكة الجديدة في بادئ الأمر «سايس» صا الحجر الحالية في الغربية ، وكانت الإلهة الرسمية لها هي«نيت»، ثم أصبحت العاصمة فيما بعد «بحدت» دمنهور، وكان الإله الرسمي فيها «حور». وفي الوقت الذي اتحدت فيه الدلتا إلى مملكة واحدة تكونت مملكة أخرى في الوجه القبلي مؤلفة من اتحاد عدة مقاطعات عاصمتها بلدة «نقادة» على مسافة قريبة من شمالي الأقصر، وكان الإله المعترف به هو «ست» .

والظاهر أن الدلتا كانت أقوى من الصعيد، ولذلك كان ملوك الدلتا أول من فكر في اتحاد كل مصر تحت سيطرة حاكم واحد، وتدل شواهد الأحوال على أن الثورات المتوالية قد قامت في الوجه القبلي في نقادة احتجاجًا على تسلط الدلتا، وكانت النتيجة أن تفرق شمل البلاد وانفصم عري اتحادها، وانفصل شطراها عن بعضهما.
وقد توحدت البلاد من جديد للمرة الثالثة والأخيرة تحت سلطان عظيم من عظماء أهالي «العرابة» المدفونة مركز البلينا، وقد جاء ذكره في جدول الملوك الذي كتب في عهد الدولة الحديثة باسم «مينا»، وقد أطلق عليه اليونان لفظة «مينيس» .

ومن أهم ماقام به الملك مينا إلى بناء عاصمة جديدة على مقربة من عين شمس العاصمة القديمة، وقد سماها «من-نفر» (الميناء الجميلة) وهي التي أطلق عليها اليونان اسم «منفيس» (البدرشين وميت رهينة).

أما الملوك الذين سبقوا «مينا» وحكموا البلاد فإن المصريين يعدونهم أشباه الآلهة لم نعرف عنهم شيئًا، ولم يذكرهم المصريون إلا أن ملوك الوجه القبلي كانت عاصمتهم في «نخن» (الكوم الأحمر)، وعاصمة ملوك الوجه البحري كانت «بوتو» ويعرفون كذلك أن ملك الوجه القبلي كان يلبس التاج الأبيض وكانت تحميه الإلهة «النسر» «نخبت» وملك الوجه البحري كان يلبس التاج الأحمر وتحميه الإلهة «الصل» ، وقد حفظت لنا الآثار أسماء تسعة الملوك الذين سبقوا «مينا» في الدلتا، وقد وجدت أسماؤهم محفورة على قطعة من حجر يرجع تاريخه إلى الأسرة الخامسة، وهذا الحجر يعرف بحجر «باليرمو».


حجر باليرمو هو الجزء الأكبر من سبعة أجزاء متبقية من لوحة تذكارية كبيرة تعرف باسم «الحوليات الملكية للدولة القديمة»، والتي تحتوي على قائمة ملوك مصر من عصر الأسرة الأولى إلى بداية عصر الأسرة الخامسة، وتسجل أحداثًا هامة في كل سنة من سنين حكمهم. يعتقد أن اللوحة نحتت خلال عصر الأسرة الخامسة (حوالي 2392-2283 ق.م)، والحجر محفوظ في المتحف الإقليمي في باليرمو، وبقية اللوحة موجودة في متاحف القاهرة ولندن. نحتت اللوحة على لوحة حجر من البازلت الأسود، قرب نهاية عصر الأسرة الخامسة. وهو يسرد ملوك مصر القديمة بعد توحيد مصر السفلى ومصر العليا بدءًا من الملك نارمر. وهو محفوظ اليوم في متحف آثار أنطونيو ساليناس الإقليمي في مدينة باليرمو، إيطاليا، ومنها أخذ اسمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى