مقالات
قصة من الماضي المجيد
د. صالح العطوان الحيالي
كان لرجل الشرطة دور ريادي في منطقته وكان الناس تهابه وتحترمه وتنفذ اوامره فورا وكان للعسكري الهيبة والمعزة والاحترام وكان لهؤلاء شان كبير وخاصة في المناطق الريفية حيث كان الشرطي يحكم مناطق باكملها بدون رشوة ولا غير شيء بالاحترام وفرض هيبة القانون وفرض هيبة الدولة لان المسؤولين كانوا يهابون القانون وكان القانون قانون يطبق على الجميع سواء كان مسؤولا او شخصا عاديا في المجتمع ولذلك كان الامن سائد واليكم هذه القصة الجميلة من الماضي الزاهر
يقال ان عبدالمحسن بيك السعدون رئيس وزراء العراق يرحمه الله كان في زياره لاخيه الشقيق الشيخ عبدالرزاق السعدون،وكان البيك رحمه الله ضئيل الجسم وكان يرتدي ثوب {دشداشه} وبدون غطاء للرأس.
وصادف بنفس اليوم مرور نائب عريف في سلك الشرطه من مركز شرطة المدينة، على مضيف الشيخ، ولما دخل هذا المسكين، كان يتصور نفسه أنه هو أهم شخصية في المضيف … كيف لا وهو نائب عريف مركز شرطة الولاية؟؟.. وهذا ما تعوَّدَ عليه من إكرام وتقدير….
فلما جاء الگهوجي، ابتدأ بعبد المحسن، فغضب النائب عريف، لكنه ابتلع غضبه وتماسك .. ولما حان وقت الغداء وضعوا الصحن الأول امام عبدالمحسن .. ولم يهن على الشرطي المسكين ذلك، ولكنه عاد وابتلع غضبه..
وبعد انتهاء الغداء، جاءوا بابريق الماء لعبدالمحسن لكي يغسل يديه … وهنا انفجر نائب العريف، والتفت الى الشيخ عبدالرزاق وقال له وبصوت عالي: ((شيخ هذا الشيء ما يصير .. ولا صاير كبل))!!
فتبسم الشيخ عبدالرزاق السعدون، وقال له: ((ها أبو اسماعيل؟؟ خير ان شاء الله؟؟))
فرد عليه نائب العريف بغضب ((جبتوا الگهوه للمفيريع، – ويقصد عبدالمحسن بيك حاسر الراس- گلنا ميخالف.. دنيتو الصحن للمفيريع وگلنا ميخالف، النوب تجون وتغسلون عليه گبلي، والله لو ما حَموله چان سوّيت بيكم ماسويت!.))..
وهنا انفجر الشيخ عبدالرزاق وعبدالمحسن بيك وجميع من كان حاضرآ في المضيف بالضحك، ووسط ذهول هذا الشرطي المسكين .. فقال لهم ((اريد اعرف شنهو اللي يضحككم ؟؟)), فقال له احد الحاضرين:
ليش انت ما تعرف هذا المفيريع منهو؟؟,
قال له: ((لا ومنهو هذا … قابل البيك؟؟)) ..
فقال له:((نعم هذا عبدالمحسن بيك رئيس وزراء العراق)).. فوقع نائب العريف المسكين مغشياً عليه لشدة الخوف والهلع والاحراج.. ومضت الجلسة بضحك الجميع.. واستلطافهم للموقف الذي يعبر عن اعتزاز نائب عريف الشرطة بمكانته واعتباره بين الناس في مضيف شيخ العشيرة وطبعا كان للعريف ونائب العريف مكانه في الوسط الاجتماعي آنذاك… وبذات الوقت يدلل على عدم معرفة الشرطي بشخص رئيس الوزراء حيث لا تلفزيون وفضائيات ولا مواكب ولا حمايات؟.