عربية

جمعة حزينة للمسلمين والمسيحيين في القدس على وقع الحرب في غزة والتضييقات الإسرائيلية

 

 

متابعة / محمد نجم الدين وهبى

 

جاؤوها من مختلف أصقاع الأرض وتقاطعت مساراتهم، وسواء توجهوا للصلاة في المسجد الأقصى أو للسير على درب الآلام، فقد شعروا بالتوتر في جمعة كللها الحزن جراء الحرب الدائرة رحاها على مسافة غير بعيدة في غزة.

قالت ليندا الخطيب القادمة من العيزرية «هذا يوم مميز جداً، خصوصاً في رمضان. لكنني حزينة جداً. لا يوجد عدد كبير من الزوار، لا يوجد ناس. حتى الطريق كلها خوف، من لحظة نزولنا من الحافلة ربما شاهدنا نحو ألف جندي. نشعر بخوف كبير، لا نشعر بارتياح».

عدد كبير ممن توجهوا للصلاة هم من أبناء القدس أو من البلدات العربية في شمال إسرائيل أو من رهط البدوية في الجنوب. أما القادمون من الضفة الغربية المحتلة فتحدثوا عن انتظار مرهق على المعابر.

 

معاناة على المعابر

وقالت ليندا ومنزلها يبعد كيلومترين من القدس «مشوار يحتاج الى خمس دقائق استغرق منا 45 دقيقة، لأنهم يؤخرون الناس وأرجعوا كثيرين».

لا تسمح إسرائيل سوى بدخول الأطفال، والنساء فوق 50 عاماً والرجال فوق 55 عاماً على أن يخضعوا لفحص أمني ويحصلوا على بطاقة ممغنطة، ثم على تصريح زيارة ولذلك، شوهد كثير من الأطفال مع جدهم أو جدتهم وليس مع أمهاتهم وآبائهم.

وعند حاجز قلنديا الفاصل بين رام الله والقدس، لم يقوَ بعض المسنين الذين منعهم الجيش من المرور بدون تصاريح على مغادرة المكان، وبدوا غير مصدقين.

وقال جهاد بشارات وهو يبكي « أنا جالس هنا لأنهم منعوني… لماذا؟ لي الحق في (الذهاب) للقدس حتى أصلي… حسبنا الله ونعم الوكيل».

وقال وائل سلامة بحزن « كان لدي تصريح لكبار السن ويُسمح لي بالدخول أيام الجمعة، لكن بعد الحرب لا يوجد تصاريح نهائياً ».

نشرت الشرطة الإسرائيلية منذ بداية رمضان ثلاثة آلاف شرطي في القدس خشية حدوث مواجهات أيام الجمعة.

قبل رمضان بأسابيع انتهت كل صلاة في الأقصى بمواجهات واستخدمت الشرطة العنف حتى مع الصحافيين. لكن لم يُسجل أي حادث يُذكر منذ بداية الشهر، عدا عن توقيف عدد من الشبان.

وقال مدير أوقاف القدس الشيخ عزام الخطيب لفرانس برس إن «125 ألف مصلٍ شاركوا في الصلاة… التي انتهت بهدوء وسلام».

وخلال خطبة الجمعة قال الإمام «ندعو الله أن يكون مع أهل غزة»، وفي ختام الصلاة، دعا لأداء صلاة الغائب، ترحماً على أكثر من 32 ألفاً قتلوا في الحرب.

 

القدس أقوى من السياسة

وعلى بعد نحو 200 متر، وعلى طرقات متعرجة، سار المئات على «درب الآلام»، يتقدمهم حملة الصليب انطلاقاً من حيث يعتقد المسيحيون أن بيلاطس البنطي حكم على عيسى المسيح بالموت.

وفي 14 محطة رُويت خلالها عذابات المسيح إلى أن سُجي في كنيسة القيامة، تقدم المسيرات قواسون مهمتهم فتح الطريق. والقواسون الذين يرتدون صدرية مزركشة وسروالاً تقليدياً ويطرقون الأرض بعصا غليظة على وقع التراتيل ينتمون الى عائلات مقدسية مسلمة، ومهمتهم حراسة المسيرة، في تقليد متبع منذ العهد العثماني.

وفيما ترددت كلمات إمام الأقصى عبر مكبر الصوت، قال الإيطالي ماريو تيوتي (64 عامًا) إن قدسية المدينة أقوى من الأحداث السياسية. وأضاف «إنه مكان خاص جدًا. تشعر بالمسيح هنا. لقد سار على هذه الدرب».

أما الأميركي جيمس جوزف الذي يعيش في القدس ويُعرف باسم «الرجل يسوع»، فشبه حرب غزة بقصة الكتاب المقدس عن «مذبحة الأبرياء»، عندما غضب الملك هيرودس وقتل آلاف الأطفال.

وقال جوزف وهو يسير حافي القدمين على الحجارة القديمة بثوبه الطويل في كنيسة القيامة، إن «المعاناة التي يعيشها هؤلاء الأبرياء (في غزة وإسرائيل) مأسوية ولكن ليس من أجل لا شيء».

وقالت راهبة هندية المولد إنها واجهت صعوبة لم تعرفها من قبل للمجيء من بيت لحم، وإن الوضع لم يكن متوتراً إلى هذا الحد.

ولكن بعض السياح سعدوا لتراجع عدد الزوار، لأنه مكنهم من دخول كنيسة القيامة وزيارة قبر المسيح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى