سياحه وآثارمقالات

بردية إيبوير.. صرخة من قلب مصر القديمة

كتب محسن شعراوي

من بين طيات الماضي البعيد، تخرج إلينا بردية إيبوير، صرخة مدوية من قلب مصر القديمة، حكاية تصف معاناة شعب عريق واجه كارثة غير مسبوقة.
تُسطر لنا البردية، المكتوبة بالخط الهيراطيقي الأنيق على ورق البردي، حوارًا مؤثرًا بين رجل يُدعى إيبوير، يبوح بحالة من الفوضى والانهيار عصفت بمصر فى ذلك الوقت
فيسود الظلام أرجاء البلاد، وتحل الكوارث الطبيعية تباعًا، من فيضانات عارمة إلى مجاعة قاسية، وأمراض غامضة، لتُصبح الحياة جحيمًا لا يطاق.
ينقلب نظام المجتمع رأسًا على عقب، فينقلب الفقراء أغنياء والأغنياء فقراء، وتعم الفوضى الأسواق والشوارع، وتنتشر الفوضى بين الناس.
يصف إيبوير حالة من اليأس والإحباط تسود القلوب، فيلجأ الناس إلى ترك أطفالهم في الشارع عاجزين عن إعالتهم، ويهجر الخدم منازلهم رافضين العمل، وتعم الفوضى أرجاء البلاد.
يُحاول إيبوير فهم سبب هذه الكارثة، فيسأل ربه عن سر ما يحدث، فيجيبه الرب بأنها ثورة اجتماعية عارمة، ثورة ضد الظلم والقهر، ثورة ضد نظام فاسد أهلك الحرث والنسل.
تُقدم لنا بردية إيبوير شهادة تاريخية فريدة عن ثورة اجتماعية قديمة، تُظهر لنا قدرة الشعوب على التمرد ضد الظلم، وتُؤكد لنا أن حتى أقوى الحضارات قد تواجه فترات من الانهيار، وأن الأمل في التغيير والتجديد يبقى دائمًا موجودًا.
تُعد بردية إيبوير بمثابة تحفة أدبية وفلسفية تُقدم لنا نظرة ثاقبة على طبيعة الإنسان والمجتمع، وتُظهر لنا قدرة الفن على تجسيد المعاناة والأمل في آن واحد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى