مقالات

لماذا فوبيا الطلقة التانية؟

بقلم / د.هبه الببلاوي

كلمة الطلاق تعني الكثير من المعاني السلبية فتلك الكلمة ليست فقط مؤلمة ولكنها تحفر في النفسية آثاراً سلبية وعقد تجاه المجتمع, تلك التجربة تدمر كل من يخوضها ويعيش لحظاتها التي لا تنسى, بينما على الصعيد الآخر هناك من يستطيع تجاوز تلك الأزمة ويكمل حياته وينجح أكثر من السابق وينسى ما مر به. ويظل آخرون أسيرون لتجاربهم السابقة التى باءت بالفشل، ليبقى السؤال هل يمكن أن يصاب من مر بتلك التجربة بـ “فوبيا” تمنعنه من الزواج مرة أخرى خوفا من الفشل؟

أجمع علماء الطب النفسي أن بعد الطلاق يجب أن نقيم الأثر النفسي الذي يقع على الرجل والمرأة بسببه قبل التفكير فى تجربة زواج جديدة، وبالنسبة للرجل فقد أكدت بعض الأبحاث أنه على المدى القصير يتأثر بصورة أكبر من المرأة خاصة في الأمور الحياتية اليومية والتدابير الذاتية، لكن على المدى المتوسط يتساوى الرجل والمرأة في الضغوط النفسية التي تقع على كل منهما، ويصاب الأول بعدم القدرة على الاندماج في المجتمع والعائلة وعدم القدرة على التواصل المجتمعي، كما يتعرض لضغوط نفسية واجتماعية والتي يمكن أن تؤدي إلى عدم قدرته على الاستقرار في عمله بشكل يجعله لا يستقر في وظيفة ثابتة، وكذلك يمكن أن يصاب بالإحباط واليأس بسبب إحساسه بالفشل في زواجه، وقد يصل به الأمر للانحراف وتناول المخدرات والخمور، وقد يصاب بالوحدة العاطفية لأنه يصعب عليه العيش دون شريكة حياة، بالإضافة إلى أنه يشعر بالرفض المجتمعي لأنه مطلق وهنا قد يشعر بالندم والذنب.

أما المرأة فتعاني تغير نوعية الحياة وتمر بمشاكل مادية خاصة إذا كانت حاضنة، ومن الناحية النفسية تعاني الإحساس بالوحدة العاطفية، بالإضافة لنظرة المجتمع المتخلفة لها والتى تجعلها أكثر عرضة للضغوط النفسية، إلى جانب إحساسها بالذنب والقلق تجاه أطفالها نتيجة الطلاق، وبشكل خاص إذا كانت من طلبت الانفصال، وقد تصاب بالاكتئاب نتيجة فقدان الحياة الزوجية ونهاية الاستقرار وغالبا ما تدخل في أمراض القلق والتوتر نتيجة للخوف من المجهول, وهنا يحتاج كلاً منهم للدعم النفسي.

أما عن رفض الزوجين خوض تجربة الزواج الثاني فأجمعت الأبحاث أن الطلاق يعد أحد أهم مسببات الضغوط النفسية والتي قد تؤدي إلى الاكتئاب، والتجربة السيئة والمؤلمة للزواج الأول قد تؤدي إلى عزوف الشخص عن الارتباط مرة أخرى لتجنب الإحساس بالألم النفسي والمشاعر السلبية والاستغناء عن الاحتياجات الجسدية والجنسية وهو ما يسميه الطب النفسي “التجنب المرضي لتجربة سيئة سابقة”، وقد نجد في بعض الأحيان عزوف المرأة عن الزواج الثاني لإحساسها بالمسئولية تجاه أولادها وتربيتهم، وفي كل الأحوال فإن المطلقين يحتاجون إلى دعم نفسي ومجتمعي كبير لاجتياز المرحلة النفسية التي يمرون بها بعد الطلاق مباشرة، لذا يجب على الأسرة تقبلهم ودعمهم نفسياً ومادياً لاجتياز هذه المرحلة ومساعدتهم على أخذ القرار الصحيح في تجربة الزواج مرة أخرى.

نأتي إلى الشق الآخر وهو نظرة المجتمع, حيث ينظر المجتمع نظرة دونية لمن خاض تجربة زواج سابقة، وأنهم جميعاً يخضعون لضغط مجتمعي منذ اللحظة الأولى بعد انتهاء الزواج، خاصة إذا كان هناك أولاد، ويتعامل المجتمع الشرقي مع السيدة المطلقة على أنها فشلت في الحفاظ على بيتها

وإن فكرت في الزواج مرة أخرى وكان لها أولاد يتعامل معها على أنها تخلت عن أولادها، وفي بعض الفئات المجتمعية قد تنالها اتهامات أخلاقية بمجرد زواجها للمرة الثانية.
وقد تقل الضغوط على الرجل المطلق لكنه يظل يخضع لها بصورة أو بأخرى, بالإضافة أن معظم الرجال في مجتمعنا لا يقبلون الارتباط بسيدة مطلقة، وكذلك المطلق يكون غير مرغوب من الفتيات اللائي لم يخضن تجربة زواج سابقة.

وهنا يجب أن تدعمي نفسك بنفسك حيث أن الانفصال مرحلة صعبة, ومن الطبيعي أن نخاف بعده من تكرار التجربة خوفاً من الفشل، لكن لا يجب أن نسمح للخوف أن يدمر حياتنا لأن معنى ذلك هو فقداننا للثقة في أنفسنا وقدرتنا على الاختيار مدى الحياة, لذلك يجب أن نكون داعمين لأنفسنا قبل طلب الدعم من الآخرين.

ولكي تساعدي نفسك وتدعمي ذاتك إطرحي تلك الأسئلة لنفسك, تلك الأسئلة التى يمكن أن تساعدنا إجابتها على تجاوز آثار التجربة السابقة واتخاذ القرار الصائب وتصحيح مفاهيمنا الشخصية.. مثل أهمية الزواج للفرد وما يمنعه من الارتباط، وما إذا كان الوقت مناسباً لخوض التجربة مرة أخرى؟ والأهم الشخص الجديد مناسب لإستكمال الحياة معه أم لا؟ ونصيحتى أن تتوقف المطلقة عن المقارنة بينها وبين الأخريات، وتجنب الاستماع للكلمات السلبية التى يرددها الناس نتيجة النظرة المجتمعية السلبية لها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى