سياحه وآثارمقالات

دلالة اوراق رمز الصداقة المصرية السوفيتية بأسوان

كتب / جمال أحمد حسن

تحتفل محافظة أسوان بعيدها القومي الذى يواكب مرور 52 عاما على إفتتاح و بداية تشغيل السد العالى و رمز الصداقة فى 15 يناير عام 1971 .

يعتبر رمز الصداقة المصرية السوفيتية من أهم المزارات السياحية التى يتوافد عليها كل سائح و زائر لمدينة أسوان من المصريين و العرب و الأجانب ، فهو من ضمن البرامج السياحية ، و يشهد إقبالا كبيرا بصفة يومية لما يمثل من تحفة و بانوراما جمالية فى منطقة هامة من أرض مصر على جسم السد العالى الشامخ ، رمز الصمود و الإرادة و الإصرار للشعب المصرى ، كما يمكن للزوار إستخدام المصعد الخاص بالبرج للوصول إلى أعلى منصة رمز الصداقة ، و مشاهدة إطلالة مميزة على السد العالى و بحيرة ناصر و معبد كلابشة و المنطقة المحيطة .

و يقع رمز الصداقة بالقرب من جسم السد العالى فى محافظة أسوان ، بدأ العمل فى تشيد هذا النصب التذكارى فى أكتوبر من عام 1967 ، و تم تشييده فى15/1/1971 ، لتخليد ذكرى الصداقة المصرية الروسية ، و لتجسيد روح التعاون بين البلدين ، و ليكون شاهدا للأجيال القادمة على قوة العلاقات المصرية
السوفيتية( الروسية ) منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ، و أيضا كرد للجميل من مصر للإتحاد السوفيتى بعد رفض الولايات المتحدة و بريطانيا تمويل مشروع السد العالى ، فقررت مصر طلب المعونة من الإتحاد السوفيتى الذى منح مصر قرضا بقيمة مليار دولار و بفائدة لا تذكر لبناء مشروع القرن الماضى ” السد العالى ” ، كما أرسل إلى مصر المهندسين و الفنيين و الخبراء فى إنشاءات السدود ، كما قام أيضا بإرسال الحفارات الضخمة و المعدات العملاقة ، و أشرف على تنفيذ مشروع السد العالى حتى إكتمل فى موعده المحدد فى 15 يناير 1971 .

أطلق المصريون على هذا المشروع إسم ” السد العالى ” حيث يبلغ إرتفاعه 111 مترا ، كما أنه حمى مصر من أخطار الفيضانات ، و زودها بالتيارالكهربائى اللازم لإطلاق عجلة التنمية ، و لايزال ينير مصر كلها ، و يخدم المشروعات الهندسية و التنموية فيها .

صممه المهندس المعمارى الروسى ” يورى شينكو ” ، و نفذته شركة مصر للإسمنت المسلح المصرية ، و تم تصميمه على شكل زهرة اللوتس المفتوحة و المكونة من 5 ورقات ، و أصبحت زهرة اللوتس رمزا دائما لجنوب مصر ، كما جسد فيها المصمم إمكانية تجسيد العلم السوفيتى والمكون من النجمة الخماسية ، والمنجل الذى يرمز إلى الزراعة ، والمطرقة التى تدل على الصناعة ، و البحيرة الصناعية على الصيد ، حيث تتمثل النجمة الخماسية فى المسقط الهندسي الأفقى للنهايات العلوية للأوراق الخمسة لزهرة اللوتس ، و الموضحة أيضا برخام لونه أسود فى أرضية صحن النصب التذكارى ، بينما تتمثل المطرقة فى الطريق المؤدى إلى داخل النصب التذكارى ، و هو ضيق عند مدخل زهرة اللوتس ، و يتسع فى إتجاه ساحة إنتظار السيارات المقابلة لزهرة اللوتس ليكون رأس المطرقة.

و إرتفاع رمز الصداقة بأسوان يوازى هضبة المقطم فى القاهرة .
يبلغ إرتفاعه 72 مترا ، و مع ذلك فهو أعلى من برج القاهرة الذى يصل إرتفاعه إلى 187 مترا ، و ذلك بسبب إنحدار مستوى الأرض من الجنوب إلى الشمال.

إختار مصمم رمز الصداقة شكل زهرة اللوتس المفتوحة و ذلك لما لها من قدسية عند المصريين القدماء ، و التى تصعد فوق سطح الماء فاتحة أوراقها الخمسة عند شروق الشمس ، ثم تقوم بغلق أوراقها عند غروب الشمس ، و تعود لتغطس فى الماء مرة اخرى ، لذلك إعتقد المصريون القدماء أن لها علاقة بالمعبود ” رع ” رب الشمس لديهم ، فكانوا يقدسونها ، كما كانت زهرة اللوتس عندهم ترمز لجنوب مصر ( الصعيد ) ، و راعى المصمم المعمارى فى تصميمه أن زهرة اللوتس تبرز من بحيرة صناعية ترمز إلى المحيط الأزلى ( نون ) الذى بدأت منه الحياة طبقا لإحدى المعتقدات الدينية عند المصريين القدماء فى تفسير نشأة الوجود .

و زخرفت جدران أوراق زهرة اللوتس الخمسة من الداخل بالفسيفساء ، و بموضوعات رمزية ، يمثل كل منها إحدى فوائد السد العالى و انجازات ثورة يوليو عام 1952.

( وصف الأوراق ) :
لكل ورقة مقصد وحكاية.

( الورقة الأولى ) : فى مواجهة مدخل النصب التذكارى ، مسجل عليها آية قرآنية : ( و جعلنا من الماء كل شيئ حى ) ، و مصور أسفلها كف اليد المصرية ، و كف اليد السوفيتية ، مرفعين إلى أعلى ترمز إلى طلب الدعاء لسقوط الامطار ، و موضح بالنقش استجابة السماء للدعاء و سقوط المطر ، و سريانه فى المجرى المائي الموضح بين كفتى اليد ، و أيضا منقوش على يمين الورقة صورة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى شيد السد العالى ، و الرئيس السادات الذى افتتح السد العالى ، و كلمة للزعيم جمال عبد الناصر : ” إن سنوات طويلة من العمل المشترك قد أقامت صرحا للصداقة العربية السوفيتية ، و إنتصارا للحرية و السلام و التقدم ” ، و رمزا للعلم المصرى الممثل بهيئة الصقر ، و أيسر الورقة ترجمة بالروسية لكلمة الرئيس جمال عبد الناصر، و رمز العلم السوفيتى الممثل بشكل المطرقة و المنجل .

و تقع ( الورقةالثانية ) : بالتسلسل على يسار مدخل النصب التذكارى فى الجهة الشرقية ، و هذه الورقة ترمز إلى التطور الصناعى نتيجة إستغلال الكهرباء المولدة من محطة كهرباء السد العالى ، و موضح عليها ترس الصناعة و التوربينات التى تولد الكهرباء .

أما ( الورقة الثالثة ) : توضح المناظر تطور و إزدهار التعليم ، و يظهر ذلك فى منظر المعلمة و معها التلميذ مشيرا إلى الحروف الابجدية ( أ – ب) ، و يظهر من خلفها الأدوات العلمية المعملية و الهندسية.

و (الورقة الرابعة) : تشير إلى الثقافة و الفنون ، و يظهر عليها منظر المرأة النوبية ، و تشير إلى الزخرفة النوبية ممثلة فى الطبق النوبى ، إعترافا و تقديرا لإسهامات أهل النوبة و تضحياتهم من أجل بناء السد العالى، و تمسك بيدها اليمنى زهرة اللوتس رمز جنوب مصر عند المصريين القدماء ، كما يظهر أعلاها نقوش المشربيات و الأرابيسك رمز الفن و الثقافة .

و يظهر ( بين الورقة الثالثة و الرابعة ) : قرص الشمس ، و على يمينه صورة لرجل و على اليسار زوجته تحمل فى بطنها الجنين ، و هذا المنظر يشير إلى تطلع الأسرة المصرية إلى مستقبل و حياة جديدة.

أما ( الورقة الخامسة ) : على يمين مدخل النصب التذكارى من الجهة الغربية ، ترمز إلى التوسع الزراعى الذى تم بعد إنشاء السد العالى ، والذى تمثل فى زيادة الرقعة الزراعية بمقدار مليون و 700 ألف فدان ، و تحويل رى الحياض إلى الرى الدائم ، و تظهر المناظر أسرة صغيرة تقدم المرأة ناتج الخبز من القمح لزوجها ، و إبنهما الصغير من أسفل يشير إلى سنبلة القمح ، و يظهر على يسار الورقة سريان المياه فى نهر النيل ليروى الأراضي الزراعية فى ربوع مصر كلها .

تم اختيار موقع رمز الصداقة بدقة متناهية ليتوسط بين معبد كلابشة الذى يمثل التاريخ المصرى القديم ، و السد العالى الذى يعد أحد أهم المشروعات الهندسية الحديثة فى القرن العشرين ، ليرمز الى مجد الماضى و عظمة الحاضر ، و لكى يبرهن على قدرة المصرى على بناء الحضارات و صنع المعجزات فى الماضى و الحاضر و فى جميع العصور .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى