قصة

ساعات

بقلم د. وائل فؤاد نجيب

 

لم تكن ليلى سعيدة بحياتها في شقتها التي سكنتها منذ سنوات طويلة ، وكانت كلما نظرت الي حوائط شقتها كلما راجعت ذكرياتها مع نفسها ومع افراد عائلتها الذين غادروها كلهم ولم يتبق معها سوي بعض صورا لهم وبعض المواقف المبكية وبعض الضحكات .

وهي جميعها ذكريات لا تختلف كثيرا عما تحياه مع بعض الجيران والمعارف التي تختلط بهم في يومها واثناء عملها.

خرجت ليلى من عزلتها في ماضيها ودخلت في فترات طويلة من الصمت المطبق حتي وهي محاطة بانس كثيرة العدد في مكان عملها وفي العمارة التي تسكن بها وايضا ماضيها في المدرسة وفي كلية التجارة حيث اتمت دراستها الجامعية .

هيمن الصمت علي حياتها واصبحت كأنها نسيت اغلب الكلمات واقتصرت علي كلمات محددة لاتتجاوز العشرات وكأنها تتعلم لغة جديدة وتتقن فقط ما بدأت تتعلمه منها وما يسدد فقط ما تحتاج ان تنطقه للتواصل تواصلا كافيا لابقائها علي الحياة.

تناست سعاد الألفاظ فهي الآن لم تعد تقرأ ولم تعد تكتب مذكراتها ولم تعد تريد الخروج من بين حوائط الصمت المطبق حولها والخانق لها ولأحلامها.
وافقدها لياقتها الإجتماعية فقد يظن من يراها أنها تستمتع بهذا الصمت المطبق بل تحتمي به من مفاجأت الحياة .

ومن ان يضحك عليها او ان يخدعها أو حتى ان يجذب انتباهها رجلا يخرجها من الكهف الذي هربت اليه ورتبت اشيائها فيه.

للدرجة انها رات فيه ايضا الأمن والأمان واصبح هذا الصمت يشبه ابوابا من الزجاج الشفاف الذي يحتاج الي ايام لهدمه وليس إلى ساعات .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى