قصة

نوم طويل

نوم طويل

محمد حبو ديبو 

 

يا إلهي حرارة الطقس اليوم مرتفعة جداً وليست طبيعية
أكاد أختنق لا أستطيع التنفس
هذا ما رددته أم حنين وهي تمشي سيراً على الأقدام في أحد شوارع المدينة مع أشعة الشمس الحارقة التي تغزو رأسها…
هذا ما جعل مشاعر السخط والغضب تبدو واضحة على مجمل تصرفاتها
فليست الحرارة فقط ما أثار غضبها واشمئزازها إنما هو العرق الذي بدا و كأنه شلال من الماء يتصبب من جسدها المنهك..
وصلت أم حنين إلى بيتها وهي في حالة
مزرية فقد بدا الإرهاق والتعب واضحين عليها…
فور دخولها للبيت توجهت مباشرة باتجاه الحمام وبدأت تصب الماء على جسدها الهزيل… و بينما هي ترتدي ملابسها رن جرس المنزل…
يا إلهي من سيأتي لزيارتي في هذا الوقت
قالت أم محمد مستغربة أسرعت نحو الباب وهي تردد من يرن الجرس من يرن الجرس …
أجابها : أنا يا سيدتي موظف البريد لدي رسالة لك
استلمت أم حنين الرسالة ودخلت إلى بيتها …

صعدت للطابق العلوي بعد أن رمت الرسالة باتجاه أحد الرفوف المثبتة على الجدران وكأن الرسالة لا تعني لها أي شيء.
بعد عدة أيام تكرر السيناريو مرة أخرى
ولم تفتح أم حنين أي رسالة وصلت لها !!!
يبدو بأن مصدر الرسائل غير مرغوب فيه …
لذلك لا تولي له أي اهتمام حتى و لو لمجرد المطالعة…

أو أن لها ذكريات مؤلمة مع هذه الرسائل ..
و مع مرور الأيام بدأت الأحزان في قلب أم حنين تتعاظم فكل يوم يمر عليها يشعرها بأن وجودها في هذه الحياة ليس مهما
أتى يوم الجمعة على أم حنين كئيباً على غير العادة فقد كانت في مثل هذا اليوم تحتفل وتعدٌّ بعض الحلويات والمأكولات التي تحبها
وتنفث دخان النرجيلة مع فنجان القهوة اللذيذة على الشرفة المطلة على الحديقة..

أما اليوم فلم تفعل أي شيء…. كل ما فعلته هو إخراج ألمبوم الصور الخاص بابنها الاصغر ورد وابنتها الكبرى حنين والذي يعود بها إلى أجمل الذكريات التي جمعتهم في سالف الأيام
أثناء تلك اللحظات المثيرة خرجت أم حنين عن السيطرة وكأن حدثاً ما قد وقع…. ذرفت سحباً من الدموع التي كانت تنسال على خديها كنهر يفيض …
وهي تردد بعض الكلمات التي فيها من الحزن ما يكفي لسقوط جبل شامخ…..
ما أجمل تلك اللحظات التي كنا فيها معاً….
وما أقسى تلك الأيام التي عشتها بدونكما لماذا هذا الجفاء وأنتم قطعة من جسدي …هل يكفي فقط إرسال رسائل لا لا لا
حتى أنني لا أستطيع فتح تلك الرسائل فرائحتكم المنتشرة في أرجاء المنزل تهدد ما تبقى من وجودي فيه
أني أراكم في كل جزء فيه تعالوا ……
كفى فراق يا أحبة عمري تعالوا لحضني الذي يفتقدكم كثيراً…
أولادي أنتم نبض هذه الحياة
بفراقكم بدأت تلك النبضات بالإنخفاض
شعرت بأنها النهاية…
سقطت أم حنين أرضاً وصور ابنها وابنتها في يديها ممسكة بهما وكأنها أدركت قرب لحظة النهاية …
توفيت أم حنين نتيجة حزنها العميق على فراق ولديها …
وهبت نسمات الصيف تحمل عطر روح صابرة عانقت السماء شوقاً لفلذة كبدها.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى