قصة

عااااااش الولد

متابعة د إسراء مرجان:

كتبت بسمة حمودة (بنت الشرق)

انتهينا من طابور الصباح في مدرستنا الإعدادية.

أعتقد أن الشئ الذي جعلني أواظب علي ذلك الطابور هو حبي لسماع نغمات نشيد الصباح المختلف عن ماعهدته في المدرسه الابتدائية.

مصر يا أول يوم في الدنيا شق ظلام الليل.

ربما كان أول معرفتي بأن هناك أغاني وطنية غير النشيد الرسمي.

وعلي سلم المدرسة ونحن صاعدات حدثتني صديقتي الجميلة  بالتفوق واثقة النفس شيماء…( أتذكرها شيماء كانت جاحظتان العين مع نظارة طبية وشاحبة اللون وخشينة الشعر) .

وكنت أراها أجمل مني لأني ورغم أني أيضا خلافها في كل شئ ذكرته آنفا ) قائلة: عاوزين نعمل مظاهرة بكره علشان استشهاد الدره . 

يا شيماء أمهليني فأنا لا أعرف شيئا ، أتذكرها تلك الوقفة لهذا الطلب استشعرتها وقفة مع النفس طلبا للوعي . 

كنت للأسف لا أعي شيئا مما يحدث حولي سواء في بلدنا أو بلادنا. كان روتين يومي لا يشغلني بمعرفة اي أخبار كان يومي ينتهي بسماع المسلسل الدرامي الساعة الثامنة في التلفاز، وبعدها أخلد للنوم بأمر والداي .

رجعت ذلك اليوم من مدرستي وأنا غاضبة بل حزينة.

اقبلت علي والداي وأنا معاتبة متسائلة ولم أغفر لهما حتي بعد مجاوبتي ومعرفتي لإنها لم تسبق تلك اللحظة السابقة.

في ذلك اليوم انتظرت الساعة التاسعة لسماع نشرة الأخبار كإنتظار محب العلم لأول يومٕ في تلقيه .

وبدأت النشرة ولأول مرة أسمع أبي يتحدث في أمرإ غير مأكلنا ومذاكرتتا كان يقول : طالما رضيوا وباعوا يبقي عادي اللي بيحصل .

أما امي في هذا الحديث قالت : إحنا كمان بعنا وراضين وكلنا مسؤولين عن اللي حاصل .

ثم رأيته يحتمي في جسد أبيه ورأيت ذلك الذي بالرصاص يرميه ؛ إنه الخوف الفطري الذي جعله هو وأبيه ينزويان جوار برميل أسمنتي ظنا أنه حصنا..وأبيه لغة جسده يديه تلوح وترتفع محاولة لصد الخطر عن ولده .

تداخل في سمعي صوت أنينه مع دقات قلبه التي تنخفض .بل كان كل الجمع الذي معه يسمعه ( والجميع أنا ) .

كنا نحاول أن نفتديه ولكن الرصاص يتتبعه يريده هو.

استدرنا في خطوة صيحة لليمين در ؛وتحركنا نحو ذاك رافعين إيدينا كمثل رفعة يدا أبيه .

نعم حاول ذاك أن يجرفنا بالرصاص ونعم وقع مني الكثير ودون عجبا ينهضون ضعفا .

حتي ترك السلاح وفر صارخا كصرخة الماعز يوم النحر . 

رأيت محمد ينهض سائلا : 

أبي لم اليوم كان هذا المشوار.

لماذا يطلقون علينا أصحاب النار.

أريد العودة يا أبي إلي الدار.

أم حقا باع جدي الدار

وما عاد لنا سلاحا إلا الأحجار .

أبي انهض وانتفض ولا تقل الولد مات.

أنا حيا ورزقي هنا وهاهو النصر آت لا محالة هو فقط كلً شئ ٍ بميعاد.

هنا هتف الجمع : النصر جي والدره حي 

وكان أيضا هتافنا في رواحنا داخل فناء المدرسة ثم لم نكتفي خرجنا من البوابة نجوب الشوارع حولنا .

ظانين أن العالم كله يسمعنا متحمسين بأننا وحدنا نستطيع .

مخلصين من نبع قلبنا وبأقصي عزم ضميرنا يعلو الهتاف: النصر جي جي والدره لسه حي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى