مقالات

الدكتور سيد غنيم يكتب.. ناتو شرق أوسطي 28 يونيو 2022

ولاً: مقدمة: فكرة الناتو الإقليمي بشكل عام ليست بجديدة، فقد بدأت منذ عقود وتحديداً في أعقاب حرب 1948، حيث تأسست “معاهدة الدفاع العربى المشترك” والتي تقوم على التعاون للتصدى لعدوان خارجى على الدول العربية الأعضاء في المعاهدة، وكانت تتحدث عن إعداد الخطط العسكرية لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة أو أي اعتداء مسلح يمكن أن يقع على دولة أو أكثر من الدول المتعاقدة أو على قواتها وتستند في إعداد هذه الخطط على الأسس التى يقررها مجلس الدفاع المشترك، الذي يتكون من وزراء الخارجية والدفاع الوطني أو من ينوبون عنهم، وهيئة استشارية عسكرية من رؤساء أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة ولجنة عسكرية دائمة، ولم يكن في هذه المعاهدة أي وجود فعلي في معظم التحديات التي واجهت الأمن القومي العربي، من الصراع العربي الإسرائيلي، مروراً بأزمة احتلال العراق للكويت وتداعياتها، حتى اندلاع الفوضى والعنف في أعقاب قيام ثورات الربيع العربي في 2011. في نفس السياق سعت كل من الولايات المتحدة وإسرائيل لتعديل مفهوم التهديد الرئيسي للمعسكر العربي السني، والذي يرونه في ثلاث تهديدات رئيسية، وهي: 1- المعسكر الشيعي والمتمثل في إيران وأذرعها كحزب الله والحشد الشعبي والحوثيين. 2- المعسكر السلفي الجهادي والمتمثل في التنظيمات الإرهابية والمتطرفة المحظورة دولياً وإقليمياً. 3- الإخوان المسلمين والمتمثل في تنظيم الإخوان المسلمين وتركيا ومن يدعمهم والتي في الواضح تركيا وقطر. وأزعم أن الثالثة بتوجيه من ترمب ونتنياهو للضغط على البلدين لصالح الرباعي العربي وقتها. وبناءً عل ذلك، ظهر “الناتو العربي” عام 2018، الذي تجمد وقتها بسبب انسحاب مصر التي كانت في منتصف مقاطعتها لقطر وخلال أزمتها الشديدة مع الإخوان المسلمين والإرهاب. أسباب قرار انسحاب مصر من الناتو العربي عام 2019: 1- طبيعة التهديد: مصر منذ البداية أبلغت كلاً من السعودية والإمارات، وهما الدولتان اللتان كانتا تسعيان بقوة لإطلاق تحالف الناتو العربي العسكري لردع إيران، بأن الأخيرة لا تمثل لها عدواً من الدرجة الأولى، وأنها غير معنية بإثارة عداوة مع طرف إقليمي. وأزعم أنه بعد مشاورات ومفاوضات مطوّلة بين قيادة الدولتين، والقيادة المصرية، قبلت القاهرة المشاركة على مضض، نظير حزمة من المساعدات والالتزامات الاقتصادية، قبل أن يعود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ويبلغ قيادة الدولتين بالرفض النهائي للمشاركة. 2- قيادة التحالف: من الصعب أن يقبل الجيش المصري أن يكون تحت أي قيادة عربية في تحالف دائم، فإذا كان من اللازم المشاركة في التحالف، فينبغي أن تكون القيادة مصرية. حيث أنه ليس من المنطقي أن يكون الجندي المصري تحت قيادة جيوش لم تخُض حرباً واحدة في الإقليم، وثقلها العسكري لا يمثل نصف ثقل الجيش المصري. 3- قيام دولة عربية مسبقاً بإفشال المساعي المصرية لتشكيل قوة عربية مشتركة. ثانياً: الوضع الحالي: ونعود لما تك إعلانه منذ أيام فقط، وهو المؤتمر المغلق في شرم الشيخ في مارس 2022، بمشاركة ست دول وهي الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن، وقد صدر عنه بيانات محددة كالآتي: 1- هناك نظام أمني إقليمي جديد قائم على التقدم والتكنولوجيا والتسامح الدينيوالتعاون الأمني المشترك والاستخباري”. 2- شُكلت لجنة أمنية وإطار للإنذار المبكر المشترك، وتم الاتفاق على أن يسمى هذا الاجتماع بـ (منتدى النقب)، وأنه ستُجرى اجتماعات دورية بصدده”. واليوم تُستكمل الإجراءات علناً، فخلال الإسبوع الإخير عقدت اجتماعات بالمنامة تحت مسمى “منتدى النقب”. وفي نفس الإطار وقبلها بأيام عقدت اجتماعات حضرها قيادات من إسرائيل وبعض الدول العربية المعنية بشأن ما يسمى بـ “برنامج الدفاع الأمني للمنطقة”. ثالثاً: الفرق بين الوضع السابق والوضع الحالي: 1- سواء معاهدة الدفاع العربي المشترك أو الناتو العربي، جميعها لم يحدث على الأرض. 2- المعسكرات/ التهديدات الثلاثة (المعسكر الشيعي – المعسكر السلفي الجهادي – معسكر الإخوان المسلمين) هي بديلاً عن التهديد القديم لمعسكر العرب السنة المتضمن دول الخليج ومصر والعراق والأردن بشكل خاص، وجميع الدول العربية بشكل عام، وهذا التهديد القديم كان إسرائيل. 3- “ناتو الشرق الأوسط” يظهر بمفهوم أوسع، حيث يتضمن دول المنطقة بما فيها دول عربية في منظومة دفاع مشترك. 4- أجتمعت الدول العربية في السابق على تهديد واحد وهو إسرائيل، أما اليوم، أزعم أن تهديدات الدول العربية مختلفة، فإيران تهديد معتاد لدول الخليج، إلا أن موقف سلطنة عمان مختلف نسبياً.. في الوقت الذي لا تمثل فيه إيران تهديداً لمصر، بل المعسكرين السلفي الجهادي والإخوان المسلمين. وعلى الصعيد الشرق أوسطي نجد أن إسرائيل تعتبر إيران وأذرعها التهديد الأخطر، أما التنظيمات الإرهابية والإخوان المسلمين فقد استطاعت ترويضهما، وبالنظر لتركيا فتهديدها الرئيس الأكراد وبعض التنظيمات الجهادية، أما معسكر الإخوان المسلمين فهو مرتبط بتركيا في الأساس. الموقف المصري: 1- تعلن مصر موقفها السلمي إقليمياً ودولياً، ولكنها تعلن أيضاً أنها تواجه تهديدين رئيسيين، وهما الإرهاب والمتمثل في المعسكر السلفي الجهادي، والفكر السياسي العقائدي التوسعي والمتمثل في الإخوان المسلمين. 2- أزعم أنه يتم التركيز حالياً على رفع المعسكر الثالث والذي يحمل تهديد الإخوان المسلمين من قائمة التهديدات الثلاث.. ومن ثم، ربما أن السعودية تقوم بمحاولات الوساطة بين تركيا ومصر، وفي نفس الوقت هناك تقارب ملحوظ مصري قطري، وكلاهما يتسق مع الحوار الوطني داخلياً في مصر. وكل الاقترابين سيكون نتيجته رفع الإخوان المسلمين من قائمة التهديدات الثلاث بالنسبة لمصر في الأساس ودول عربية أخرى كالآردن. وبناءً على ما سبق فإن الاجتماع القادم، ربما سيكون مرتبطاً بما يطلق عليه (ناتو شرق أوسطي)، ولن يختص فقط بشأن التهديد الجوي الإيراني. حيث سيتم التوسع في تحديد طبيعة وتصنيف التهديد المشترك والتهديد المنفصل لكل دولة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى